قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " فهؤلاء أصل ضلالهم: اعتقادهم في أئمة الهدى وجماعة المسلمين أنهم خارجون عن العدل وأنهم ضالون وهذا مأخذ الخارجين عن السنة من الرافضة ونحوهم، ثم يعدون ما يرون أنه ظلم عندهم كفراً، ثم يرتبون على الكفر أحكاماً ابتدعوها، فهذه ثلاث مقامات للمارقين من الحرورية والرافضة ونحوهم، في كل مقام تركوا بعض أصول دين الإسلام، حتى مرقوا منه كما مرق السهم من الرمية.
• كلما ذهبت فرقة منهم ظهرت فرقة.
عن عَبْد اللهِ بْن عَمْرٍو قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَقُولُ:(يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا قُطِعَ قَرْنٌ نَشَأَ قَرْنٌ، حَتَّى يَخْرُجَ فِي بَقِيَّتِهِمُ الدَّجَّالُ) وصححه الشيخ أحمد شاكر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: قدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ إلَى زَمَنِ الدَّجَّالِ. وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْخَوَارِجَ لَيْسُوا مُخْتَصِّينَ بِذَلِكَ الْعَسْكَرِ [يعني: الذين قاتلوا علياً -رضي الله عنه-. (الفتاوى).
فأفاد الحديث: أن الخوارج فرقة من فرق الأمة، وأنها سيستمر وجودها إلى آخر الزمان، غير أنها تظهر فترة بعد فترة، وكلما ظهرت طائفة منهم قُطعت، وانتهى أمرها، ثم تظهر طائفة أخرى … وهكذا، حتى يخرج الدجال في آخرهم.
فائدة: قال ابن كثير رحمه الله تعالى: وقصدوا - أي الخوارج - بلاد العراق وخراسان، فتفرقوا فيها بأبدانهم وأديانهم ومذاهبهم ومسالكهم المختلفة المنتشرة، التي لا تنضبط ولا تنحصر؛ لأنها مفرعة على الجهل، وقوة النفوس، والاعتقاد الفاسد. (البداية والنهاية)