للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ما معنى الإحصاء في قوله (مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة)؟

اخْتَلَفُ العلماء فِي الْمُرَاد بِإِحْصَائِهَا على أقوال:

القول الأول: معناه حفظها.

قال النووي: فَقَالَ الْبُخَارِيّ وَغَيْره مِنْ الْمُحَقِّقِينَ: مَعْنَاهُ: حَفِظَهَا، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَر؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى (مَنْ حَفِظَهَا). (شرح مسلم)

وقال في (الأذكار) وهو قول الأكثرين.

القول الثاني: أي: أَطَاقَهَا أَيْ: أَحْسَن الْمُرَاعَاة لَهَا، وَالْمُحَافَظَة عَلَى مَا تَقْتَضِيه، وَصَدَّقَ بِمَعَانِيهَا.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: الْعَمَل بِهَا وَالطَّاعَة بِكُلِّ اِسْمهَا، وَالْإِيمَان بِهَا لَا يَقْتَضِي عَمَلًا.

قال الشيخ ابن عثيمين: معنى إحصاء هذه التسعة والتسعين الذي يترتب عليه دخول الجنة، ليس معنى ذلك أن تكتب في رقاع ثم تكرر حتى تحفظ فقط، ولكن معنى ذلك:

أولاً: الإحاطة بها لفظا.

ثانياً: فهمها معنى.

ثالثاً: التعبد لله بمقتضاها، ولذلك وجهان:

الوجه الأول: أن تدعو الله بها؛ لقوله تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) بأن تجعلها وسيلة إلى مطلوبك، فتختار الاسم المناسب لمطلوبك، فعند سؤال المغفرة تقول: يا غفور، وليس من المناسب أن تقول: يا شديد العقاب اغفر لي، بل هذا يشبه الاستهزاء، بل تقول: أجرني من عقابك.

الوجه الثاني: أن تتعرض في عبادتك لما تقتضيه هذه الأسماء؛ فمقتضى الرحيم الرحمة، فاعمل العمل الصالح الذي يكون جالبا لرحمة الله، ومقتضى الغفور المغفرة، إذا افعل ما يكون سببا في مغفرة ذنوبك، هذا هو معنى إحصائها.

• هل صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تعيين هذه الأسماء؟

لا، لم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تعيين هذه الأسماء والحديث المروي في تعيينها ضعيف، وقد رواه الترمذي وغيره.

قال ابن تيمية: تعيينها ليس من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- باتفاق أهل المعرفة بحديثه.

وقال ابن كثير: والذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث مدرج فيه، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم وعبد الملك بن محمد الصنعاني، عن زهير بن محمد: أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك، أي: أنهم جمعوها من القرآن كما رود عن جعفر بن محمد وسفيان بن عيينة وأبي زيد اللغوي.

وقال الصنعاني: اتفق الحفاظ من أئمة الحديث أن سردها إدراج من بعض الرواة.

<<  <  ج: ص:  >  >>