• ما صحة البيع؟
البيع صحيح لقوله (إن رضيها أمسكها)، وهو مجمع عليه.
وأنه يثبت للمشتري الخيار إذا علم بالتصرية، وبه قال الجمهور، وخالف فيه أبو حنيفة فقال: لا يردها، بل يرجع بنقصان العيب.
• ما الحكم إذا علم بالتصرية قبل حلبها؟
قال ابن قدامة: وَإِنْ عَلِمَ بِالتَّصْرِيَةِ قَبْلَ حَلْبِهَا، مِثْلُ أَنْ أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ، أَوْ شَهِدَ بِهِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، فَلَهُ رَدُّهَا، وَلَا شَيْءَ مَعَهَا؛ لِأَنَّ التَّمْرَ إنَّمَا وَجَبَ بَدَلًا لِلَّبَنِ الْمُحْتَلَبِ وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا، فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ) وَلَمْ يَأْخُذْ لَهَا لَبَنًا هَاهُنَا، فَلَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ شَيْءٍ مَعَهَا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ.
• ما الحكم لو احتلبها وترك اللبن بحاله، هل يرد اللبن أم صاعاً من تمر؟
قال ابن قدامة: وَأَمَّا لَوْ احْتَلَبَهَا وَتَرَك اللَّبَنَ بِحَالِهِ ثُمَّ رَدَّهَا، رَدَّ لَبَنهَا، وَلَا يُلْزِمُهُ أَيْضًا بِشَيْءٍ.
لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فَرَدَّهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ بَدَلُهُ.
فَإِنْ أَبَى الْبَائِعُ قَبُولَهُ، وَطَلَبَ التَّمْرَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، إذَا كَانَ بِحَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ.
وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ.
لِظَاهِرِ الْخَبَرِ.
وَلِأَنَّهُ قَدْ نَقَصَ بِالْحَلْبِ، وَكَوْنُهُ فِي الضَّرْعِ أَحْفَظَ لَهُ.
وَلَنَا، أَنَّهُ قَدَرَ عَلَى رَدِّ الْمُبْدَلِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْبَدَلُ، كَسَائِرِ الْمُبْدَلَاتِ مَعَ أَبْدَالِهَا.
وَالْحَدِيثُ الْمُرَادُ بِهِ رَدُّ التَّمْرِ حَالَةَ عَدَمِ اللَّبَنِ؛ لِقَوْلِهِ (فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ).
وَلِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى.
وَقَوْلُهُمْ إنَّ الضَّرْعَ أَحْفَظُ لَهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنْ إبْقَاؤُهُ فِي الضَّرْعِ عَلَى الدَّوَامِ، وَبَقَاؤُهُ يَضُرُّ بِالْحَيَوَانِ.
• ما الحكم إذا اشترى مصراة من غير بهيمة الأنعام؟
قال ابن قدامة: فَإِنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً مِنْ غَيْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، كَالْأَمَةِ وَالْأَتَانِ وَالْفَرَسِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
لِعُمُومِ قَوْلِهِ (مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً و مَنْ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً).
وَلِأَنَّهُ تَصْرِيَةٌ بِمَا يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِهِ، فَأَثْبَتَ الْخِيَارَ، كَتَصْرِيَةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيَّةِ يُرَادُ لِلرَّضَاعِ، وَيُرَغِّبُ فِيهَا ظِئْرًا وَيُحَسِّنُ ثَدْيَهَا، وَلِذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَ كَثْرَةَ لَبَنِهَا، فَبَانَ بِخِلَافِهِ، مَلَكَ الْفَسْخَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا لَمَا ثَبَتَ بِاشْتِرَاطِهِ، وَلَا مَلَكَ الْفَسْخَ بِعَدَمِهِ.
وَلِأَنَّ الْأَتَانَ وَالْفَرَسَ يُرَادَانِ لِوَلَدِهِمَا.
وَالثَّانِي: لَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ.
لِأَنَّ لَبَنَهَا لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ فِي الْعَادَةِ، وَلَا يُقْصَدُ قَصْدَ لَبَنِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَالْخَبَرُ وَرَدَ فِي بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ لَبَنِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ أَكْثَرُ، وَاللَّفْظُ الْعَامُ أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَمَرَ فِي رَدِّهَا بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَلَا يَجِبُ فِي لَبَنِ غَيْرِهَا، وَلِأَنَّهُ وَرَدَ عَامًّا وَخَاصًّا فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَيُحْمَلُ الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْعَامِّ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ الْخَاصُّ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ. (المغني).
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟
- الحديث دَلِيل عَلَى تَحْرِيم التَّدْلِيس فِي كُلّ شَيْء. (وهو أن يظهر السلعة بمظهر مرغوب فيه وهي خالية منه)
وله صورتان:
الأولى: أن يظهر الشيء على وجه أكمل مما هو عليه.
الثانية: أن يظهره على وجه كامل وفيه عيب.
- وَأَنَّ التَّدْلِيس بِالْفِعْلِ حَرَام كَالتَّدْلِيسِ بِالْقَوْلِ.