١٤٧٤ - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ اَلْعَبْدَ اَلتَّقِيَّ، اَلْغَنِيَّ، اَلْخَفِيَّ) أَخْرَجَهُ مُسْلِم.
===
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
نستفيد محبة الله لمن كان متصفاً بهذه الصفات.
أولاً: أن يكون تقياً.
والتقي: من كان قائماً بأوامر الله مجتنباً لنواهيه.
قال الصنعاني: والتقي هو الآتي بما يجب عليه المجتنب لما يحرم عليه.
قال تعالى (إن الله يحب المتقين).
ثانياً: أن يكون غنياً.
قال النووي: الْمُرَاد بِالْغِنَى غِنَى النَّفْس، هَذَا هُوَ الْغِنَى الْمَحْبُوب لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- (وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْس) وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّ الْمُرَاد الْغِنَى بِالْمَال.
وقال المناوي: (الغني) غنى النفس كما جزم به في الرياض وهو الغني المحبوب، وأشار البيضاوي وعياض والطيبي إلى أن المراد غنى المال، والمال غير محذور لعينه بل لكونه يعوق عن الله، فكم من غني لم يشغله غناه عن الله، وكم من فقير شغله فقره عن الله، فالتحقيق أنه لا يطلق القول بتفضيل الغني على الفقير وعكسه.
[كيف يحصل غنى النفس؟]
وغنى النفس إنما ينشأ عن الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمره؛ علمًا بأن الذي عند الله خير وأبقى، قال ابن حجر: «وإنما يحصل غنى النفس بغنى القلب؛ بأن يفتقر إلى ربه في جميع أموره؛ فيتحقق أنه المعطي المانع؛ فيرضى بقضائه، ويشكره على نعمائه، ويفزع إليه في كشف ضرائه، فينشأ عن افتقار القلب لربه غنى نفسه عن غير ربه تعالى»
ثالثاً: أن يكون خفياً.
قال ابن الأثير: الخفي هو المعتزل عن الناس، الذي يُخفي عليهم مكانه.
قال النووي: (الخفي) فَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، هَذَا هُوَ الْمَوْجُود فِي النُّسَخ، وَالْمَعْرُوف فِي الرِّوَايَات، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ بَعْض رُوَاة مُسْلِم رَوَاهُ بِالْمُهْمَلَةِ.
فَمَعْنَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ الْخَامِل الْمُنْقَطِع إِلَى الْعِبَادَة وَالِاشْتِغَال بِأُمُورِ نَفْسه.
وَمَعْنَاهُ بِالْمُهْمَلَةِ الْوُصُول لِلرَّحِمِ، اللَّطِيف بِهِمْ وَبِغَيْرِهِمْ مِنْ الضُّعَفَاء، وَالصَّحِيح بِالْمُعْجَمَةِ.