قال ابن قدامة: وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ مَتَى حَلَّ الْحَقُّ وَلَمْ يُوَفِّنِي فَالرَّهْنُ لِي بِالدَّيْنِ أَوْ: فَهُوَ مَبِيعٌ لِي بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْك، فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ.
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَشُرَيْحٍ وَالنَّخَعِيِّ، وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَهُمْ. (المغني).
لحديث الباب (لا يغلق الرهن على صاحبه) رواه الدارقطني.
القول الثاني: أنه يجوز.
وهذا اختيار ابن القيم.
أ-لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).
ب- ولحديث (المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حل حراماً أو حرم حلالاً).
ويرى ابن القيم رحمه الله أن الحديث جاء لإبطال عادة كانت في الجاهلية، وهي أن المرتهن يأخذ الرهن إذا حل الأجل ولم يؤد الراهن الدين من غير رضا الراهن ولا اشتراط ذلك عليه في عقد الرهن.
قال رحمه الله في اعلام الموقعين: إذا رهنه رهناً بدين وقال: إن وفيتك الدين إلى كذا وكذا وإلا فالرهن لك بما عليه صح ذلك، وفعله الامام أحمد، وقال أصحابنا: لا يصح، وهو المشهور من مذاهب الائمة الثلاثة، واحتجوا بقوله (لا يغلق الرهن).
ولا حجة لهم فيه، فإن هذا كان موجبه في الجاهلية، أن المرتهن يتملك الرهن بغير إذن المالك إذا لم يوفه، فهذا هو غلق الرهن الذي أبطله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأما بيعه للمرتهن بما عليه عند الحلول فلم يبطله كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح، ولا مفسدة ظاهرة، وغاية ما فيه أنه بيع علق على شرط، ونعم فكان ماذا؟ وقد تدعو الحاجة والمصلحة إلى هذا من المرتهنين، ولا يحرم عليهما ما لم يحرمه الله ورسوله، ولا ريب أن هذا خير للراهن والمرتهن من تكليفه الرفع إلى الحاكم وإثباته الرهن، واستئذانه في بيعه والتعب الطويل الذي لا مصلحة فيه سوى الخسارة والمشقة، فإذا اتفقا على أنه بالدين عند الحلول كان أصلح لهما وأنفع وأبعد من الضرر والمشقة والخسارة.
• هل يضمن المرتهن الرهن إذا هلك في يده؟
اتفق الفقهاء على أن الرهن إذا تلف عند المرتهن بتعدٍ منه أو بتقصير في حفظه، فإنه ضامن له.
واختلفوا فيما إذا هلك بغير تعد منه ولا تفريط على أقوال:
القول الأول: إذا تلف الرهن في يد المرتهن فإنه مضمون عليه مطلقاً، أي: سواء مما يخفى - كالثياب والجواهر - أو مما لا يخفى كالعقار.
وهذا مذهب الحنفية.
القول الثاني: أن الرهن أمانة في يد المرتهن فلا يضمنه ولا يسقط بتلفه شيء من الدين.
وهذا مذهب الشافعية، والحنابلة، والظاهرية، وابن المنذر.
وهذا القول هو الراجح.
• من الذي ينفق على المرهون؟
اتفق الفقهاء على أن مؤونة المرهون على الراهن، فطعام المرهون وشرابه وكسوته وكفنه على الراهن.
لحديث الباب ( … له غنمه وعليه غرمه).
فجعل الحديث لمالك الرهن غنمه من نماء وزيادة، وجعل عليه غرمه من مؤونة أو نقص أو هلاك.
ولأن هذه الأشياء من حقوق الملك، ومؤونات الملك على المالك، والمالك الراهن فكانت المؤونة عليه.