القول الرابع: أن لا يبلغ في التعزير على معصية حداً مشروعاً في جنسها، ويجوز أن يزيد على حد غير جنسها، وعلى هذا فالتعزير الذي سببه الوطء لا يجوز أن يبلغ المائة (حد الزنا) وما كان سببه الشتم والسب لا يجوز أن يبلغ الثمانين (حد القذف) وهكذا.
وهذا قول للشافعية، ورواية للحنابلة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد تنازع العلماء في مقدار أعلى التعزير الذي يقام بفعل المحرمات على أقوال: أحدها: وهو أحسنها … أنه لا يبلغ في التعزير في كل جريمة الحد المقدر فيها، وإن زاد على حد مقدر في غيرها فيجوز التعزير في المباشرة المحرمة وفي السرقة المحرمة من غير حرز بالضرب الذي يزيد على حد القذف ولا يبلغ بذلك الرجم.
• ما الجواب عن حديث الباب؟
الجواب الأول: أن الحديث محمول على التأديب الصادر من غير الولاة، كتأديب الأب لولده ونحوه.
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: الصحيح أن المراد بالحد هنا حكم الله عز وجل، وقد سمى الله أحكامه حدوداً فقال:
(وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه).
الجواب الثاني: أن هذا الحديث منسوخ.
ذهب جماعة من الحنفية والشافعية إلى أن هذا الحديث منسوخ، ودليل النسخ عندهم هو إجماع الصحابة رضي الله عنهم على العمل بخلافه من غير نكير.
قال الحافظ ابن حجر: ومنها أنه منسوخ دل على نسخه إجماع الصحابة، ورد بأنه قال به بعض التابعين وهو قول الليث بن سعد أحد فقهاء الأمصار.
وقال النووي: وَأَجَابَ أَصْحَابنَا عَنْ الْحَدِيث بِأَنَّهُ مَنْسُوخ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الصَّحَابَة -رضي الله عنه- جَاوَزُوا عَشْرَة أَسْوَاط.
الجواب الثالث: أن الحديث مقصور على زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لأنه كان يكفي الجاني منهم هذا القدر.
قال العلامة ابن دقيق العيد: وقال بعض المالكية: وتأول أصحابنا الحديث على أنه مقصور على زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه كان يكفي الجاني منهم هذا القدر، وهذا في غاية الضعف أيضاً، لأنه ترك للعموم بغير دليل شرعي على الخصوص وما ذكره مناسبة ضعيفة لا تستقل بإثبات التخصيص.
وقال النووي: وَهَذَا التَّأْوِيل ضَعِيف.
• بعض الأمثلة لما يجب التعزير بها:
الاستمناء باليد، إتيان البهيمة، مساحقة النساء.