القول الثاني: أنها واجبة.
وهو قول داود الظاهري، وابن حزم.
قال ابن حجر: واستدل بهذا الحديث مع ظاهر الآية على وجوب الوصية وبه قال الزهري، وأبو مجلز، وعطاء، وطلحة بن مصرف في آخرين وحكاه البيهقي عن الشافعي في القديم وبه قال إسحاق، وداود، واختاره أبو عوانة الاسفرايني وبن جرير وآخرون. (الفتح).
أ-لقوله تعالى (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً … ).
قالوا: معنى كتب يعني فرض.
ب-ولحديث الباب.
وجه الدلالة: قالوا معناه: ليس من حق المسلم أن يبيت ليلتين إلا وقد أوصى، ويؤيد معنى الحديث رواية عند الدارقطني (لا يحل لمسلم أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده).
والأرجح القول الأول.
لكن تجب فقط: على من عليه دين، وفي ذمته حقوق ولديه أمانات وعهد، فإنه يجب أن يوضح ذلك كله بالكتابة الواضحة الجلية، التي تحدد الديون إن كانت حالة أو مؤجلة.
• لماذا حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على المبادرة لكتابة الوصية؟
بياناً لها، وامتثالاً لأمر الشرع، واستعداداً للموت.
• ما الحكمة من مشروعيتها؟
فلأمور جليلة، ومقاصد شريفة، تجمع بين مصالح العباد في الدنيا، ورجاء الثواب والدرجات العلى في الآخرة، ففي الوصية يصل الموصي رحمه وأقرباءه الذين لا يرثون، ويُدخل السعة على المحتاجين، ويخفف الكرب على اليتامى والمساكين. وفي الوصية مصلحة للموصي حيث جعل الإسلام له جزءاً من ماله يبقى ثوابه عليه بعد وفاته، وبهذا يتدارك ما فاته من أعمال البر والإحسان في حياته.
• اذكر بعض الأمثلة على تطبيق السلف للعمل بالعلم؟
أ-عنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ (بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنِ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا». قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «عَجِبْتُ لَهَا فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ) قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ ذَلِكَ. رواه مسلم.
ب- عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّى لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلاَّ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَوْ إِلاَّ بُنِىَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ) رواه مسلم.
قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ فَمَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ. وَقَالَ عَمْرٌو مَا بَرِحْتُ أُصَلِّيهِنَّ بَعْدُ. وَقَالَ النُّعْمَانُ مِثْلَ ذَلِكَ.