وخرّجه الترمذي من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقو (اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَزِدْنِي عِلْماً).
وخرج النسائي من حديث أنس "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو (اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَارْزُقْنِي عِلْمًا تَنْفَعُنِي بِه)
وخرج أبو نعيم من حديث أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول (اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ إِيمَانًا دَائِمًا، فرب إيمان غير دائم، وَأَسْأَلُكَ وَعِلْمًا نَافِعًا، فرب علم غير نافع).
[ما علامات العلم النافع؟]
أن يثمر الخشية. قال عز وجل (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
قال ابن مسعود وغيره: كفى بخشية الله علماً، وكفى بالاغترار بالله جهلاً.
وقال بعض السَّلف: ليس العِلْم بكثرة الرواية ولكن العِلْم الخشية.
وقال بعضهم: من خشي الله فهو عالم ومن عصاه فهو جاهل. وكلامهم في هذا المعنى كثير جدًّا.
وسبب ذلك أن هذا العِلْم النافع يدل عَلَى أمرين:
أحدهما: عَلَى معرفة الله وما يستحقه من الأسماء الحسنى والصفات العلى والأفعال الباهرة، وذلك يستلزم إجلاله وإعظامه وخشيته، ومهابته ومحبته ورجاءه والتوكل عليه، والرضا بقضائه والصبر عَلَى بلائه.
والأمر الثاني: المعرفة بما يحبه ويرضاه وما يكرهه ويسخطه من الاعتقادات والأعمال الظاهرة والباطنة والأقوال.
فيوجب ذلك لمن علمه المسارعة إِلَى ما فيه محبة الله ورضاه والتباعد عما يكرهه ويسخطه؛ فإذا أثمر العِلْم لصاحبه هذا فهو علم نافع، فتى كان العِلْم نافعًا ووقر في القلب لله، فقد خشع القلب وانكسر له وذل هيب وإجلالا وخشية ومحبة وتعظيمًا.
ثم قال رحمه الله: … فلهذا كان من علامات أهل العِلْم النافع أنهم لا يرون لأنفسهم حالا ولا مقامًا، ويكرهون بقلوبهم التزكية والمدح، ولا يتكبرون على أحد.
قال الحسن: إِنَّمَا الفقيه الزاهد في الدُّنْيَا الراغب في الآخرة، البصير بدينه المواظب على عبادة ربه.
وأهل العِلْم النافع كلما ازدادوا من هذا العِلْم ازدادوا لله تواضعًا وخشية وانكسارًا وذلا.
قال بعض السَّلف: ينبغي للعالم أن يضع التراب عَلَى رأسه تواضعًا لربه.
ومن علامات العِلْم النافع: أنَّه يدل صاحبه عَلَى الهرب من الدُّنْيَا، وأعظمها الرياسة والشهرة والمدح، فالتباعد عن ذلك والاجتهاد في مجانبته من علامات العِلْم النافع فإن وقع شيء من ذلك من غير قصد واختيار كان صاحبه في خوف شديد من عاقبته، بحيث أنَّه يخشى أن يكون مكرًا واستدراجًا،.