• لكن إن حضرت المرأة الجمعة شرع لها الاغتسال لأجلها والتأدب بآدابها.
وقد بوب ابن حبان في صحيحه بقوله: (ذكر الاستحباب للنساء أن يغتسلن للجمعة إذا أردن شهودها) ثم ساق حديث عثمان بن واقد العمري عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل).
والحديث متفق عليه دون زيادة (من الرجال والنساء) وهذه الزيادة رواها ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي في السنن، وقد اختلف في صحتها:
فصححها النووي رحمه الله في المجموع (٤/ ٤٠٥)، وابن الملقن في البدر المنير. (٤/ ٦٤٩).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (٢/ ٣٥٨): فَفِي رِوَايَة عُثْمَان بْن وَاقِد عَنْ نَافِع عِنْد أَبِي عَوَانَة وَابْن خُزَيْمَةَ وَابْن حِبَّان فِي صِحَاحهمْ بِلَفْظِ (مَنْ أَتَى الْجُمُعَة مِنْ الرِّجَال وَالنِّسَاء فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غُسْل) وَرِجَاله ثِقَات، لَكِنْ قَالَ الْبَزَّار: أَخْشَى أَنْ يَكُون عُثْمَان بْن وَاقِد وَهِمَ فِيهِ ".
وما خشيه البزار من وهم عثمان فيه، جزم به أبو داود، صاحب السنن، رحمه الله.
قال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: ضعيف. قلت لأبي داود: إن عباس بن محمد يحكي عن يحيى بن معين أنه ثقة؟ فقال: هو ضعيف؛ حدث هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل)، ولا نعلم أن أحداً قال هذا غيره. (تهذيب الكمال) (١٩/ ٥٠٥).
وجزم الألباني رحمه الله بشذوذ هذه الزيادة وضعفها، كما في (السلسلة الضعيفة) (٨/ ٤٣٠).
ومما يؤيد القول باغتسال النساء للجمعة:
ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عبيدة ابنة نائل قالت: سمعت ابن عمر وابنة سعد بن أبي وقاص يقولان: من جاء منكن الجمعة فلتغتسل. وروى عن طاوس بمثله، وعن شقيق أنه كان يأمر أهله الرجال والنساء بالغسل يوم الجمعة. انظر المصنف (٢/ ٩).
والاغتسال للجمعة معقول المعنى، وهو النظافة وقطع الروائح الكريهة المؤذية للحاضرين، ولهذا تدعى المرأة إليه إن أرادت الحضور.
قال النووي رحمه الله في (المجموع/ ٤٠٥): وغسل الجمعة سنة، وليس بواجب وجوبا يعصى بتركه بلا خلاف عندنا، وفيمن يسن له أربعة أوجه: الصحيح المنصوص، وبه قطع المصنف والجمهور: يسن لكل من أراد حضور الجمعة، سواء الرجل والمرأة والصبي والمسافر والعبد وغيرهم؛ لظاهر حديث ابن عمر، ولأن المراد النظافة، وهم في هذا سواء. ولا يسن لمن لم يرد الحضور، وإن كان من أهل الجمعة، لمفهوم الحديث، ولانتفاء المقصود، ولحديث ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل، ومن لم يأتها فليس عليه غسل من الرجال والنساء) رواه البيهقي بهذا اللفظ بإسناد صحيح.