للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٨١٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: " مَا هَذَا يَا صَاحِبَ اَلطَّعَامِ" قَالَ: أَصَابَتْهُ اَلسَّمَاءُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ. فَقَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ اَلطَّعَامِ; كَيْ يَرَاهُ اَلنَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

===

(على صُبْرة) بضم الصاد وإسكان الباء هي: الكومة من الطعام.

(فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا) أي أدركت، والبَلَل، الرطوبة والنداوة، وهذا البلل كان مستوراً بالطعام اليابس.

(ما هذا؟) استفهام إنكاري، أي: ما هذا البلل المنبئ غالباً عن الغش.

(يَا صَاحِبَ اَلطَّعَامِ؟) يحتمل أنه ترك نداءه باسمه لعدم العلم به، أو أنه للتسجيل عليه بإضافته إلى ما غش به من زيادة في زجره وتوبيخه.

(أَصَابَتْهُ اَلسَّمَاءُ) أي: المطر.

(أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ اَلطَّعَامِ) استفهام يراد به النصح والإرشاد، أي: لتسلم من الغش الذي هو من أقبح الأوصاف.

(كَيْ يَرَاهُ اَلنَّاسُ) تعليل لما قبله.

(مَنْ غَشَّ) وفي الرواية الأخرى (من غشنا) واللفظ الأول أعم، والغش: المراد به هنا: كتم عيب المبيع أو الثمن.

(فَلَيْسَ مِنِّي) وفي حديث ابن عمر (فليس منا) أي ليس على طريقتنا وهدينا وسنتنا، وليس المراد إخراجه عن الإسلام.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد: تحريم الغش في البيع والشراء وأنه من الكبائر.

أ-لحديث الباب ( .. من غش فليس مني).

وقد جاء بلفظ عام، في حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) رواه مسلم، فيدخل فيه كل أنواع الغش.

قال الخطَّابي: (معناه ليس على سيرتنا ومذهبنا، يريد أنَّ من غشَّ أخاه وترك مناصحته، فإنَّه قد ترك اتباعي والتمسك بسنَّتي).

قال القاضي عياض: (معناه بيَّن في التحذير من غش المسلمين، لمن قلده الله تعالى شيئًا من أمرهم، واسترعاه عليهم، ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم).

قال العظيم آبادي: (والحديث دليلٌ على تحريم الغشِّ، وهو مُجمَع عليه).

وقال الغزالي: (يدل على تحريم الغش … ).

ب- وعن معقل بن يسار. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) متفق عليه.

قال النووي: (معناه: بَيِّن في التحذير من غشِّ المسلِمين لِمَنْ قلَّده الله تعالى شيئًا من أمرهم، واسترعاه عليهم، ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم، فإذا خانَ فيما اؤتُمِن عليه فلم ينصح فيما قلَّده، إمَّا بتضييعه تعريفَهم ما يلزمهم من دينهم، وأخذهم به، وإمَّا بالقِيام بما يتعيَّن عليه، من حفظ شرائعهم، والذبِّ عنها … وقد نبَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- على أنَّ ذلك من الكبائر الموبقة المبعدة من الجنَّة).

وقال ابن عثيمين: فإنَّ فيه التحذير من غش الرعيَّة، وأنَّه ما من عبد يسترعيه الله على رعيته ثم يموت يوم يموت، وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة، وأنَّه إذا لم يحطهم بنصيحته فإنه لا يدخل معهم الجنَّة.

ج- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها رد معها صاعًا من طعام، لا سمراء).

قال ابن عبد البر: وهذا الحديث أصل في النهي عن الغش، وأصل فيمن دلَّس عليه بعيب، أو وجد عيبًا بما ابتاعه، أنه بالخيار في الاستمساك أو الرد.

وقال الأمير الصنعاني: الحديث أصل في النَّهي عن الغش، وفي ثبوت الخيار لمن دلَّس عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>