٢٣ - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- (أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- اِنْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ.) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
===
(قَدَحَ) إناء يشرب به الماء، وجمعه أقداح.
(اِنْكَسَرَ) وفي رواية للبخاري (فانصدع) أي: انشق.
(فَاتَّخَذَ) اختلف من الذي اتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة، فقيل: هو الرسول -صلى الله عليه وسلم-، للرواية التي بين أيدينا، فإنها تدل أن المتخذ هو الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: هو أنس. لرواية عند البخاري عن عاصم الأحول:(رأيت قدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند أنس بن مالك، وكان انصدع فتسلسله بفضة)، قال الحافظ: وفيه نظر، لأن في الخبر عند البخاري عن عاصم قال: قال ابن سيرين إنه كان فيه حلقة من حديد فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة، فقال له أبو طلحة: لا تغير شيئاً صنعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهذا يدل على أنه لم يغير شيئاً.
(مَكَانَ الشَّعْبِ) الشعب بفتح الشين وسكون العين أي: الصدع والشق.
(سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ) السلسلة بفتح السين، والمراد بها إيصال الشيء بالشيء، أي: سلكاً من فضة.
• ما حكم إصلاح الإناء المنكسر بسلسلة من فضة؟
يجوز، لحديث الباب، وهذا مستثنى من تحريم استعمال الذهب والفضة، لكن لابد من شروط:
أولاً: أن يكون ذلك من فضة.
لورود النص فيه.
وأما الذهب فلا يجوز، لأنه أغلى ثمناً وأشد تحريماً، ولأنه لو كان جائزاً لاستعمله النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإناء، لأنه أبعد عن الصدأ بخلاف الفضة.
ثانياً: أن يكون لحاجة.
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتخذها إلا عند الحاجة، وهو الكسر. (الحاجة هنا ليس معناها أنه لا يجد غيرها من الحديد والنحاس والصفر أو نحوها، وإنما معناها أن يتعلق بإصلاحه غرض من غير أغراض الزينة وتجميل الإناء).
ثالثاً: أن يكون يسيراً.
لأن هذا هو الغالب في القدح، يعني كونه صغيراً، والغالب أنه إذا انكسر فإنه لا يحتاج إلى شيء كثير، والأصل التحريم، فنقتصر على ما هو الغالب. [الشرح الممتع].