فقد جاء في حديث ابن عمر:( … وكان الناس قد احتاجوا إليها).
لكن يرد هذا القول حديث:(أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لحوم الحمر وأذن في لحوم الخيل) فلو كان النهي من أجل أنها حمولة الناس لكان النهي عن لحوم الخيل أولى.
وقيل: لأنها كانت تأكل العذرة.
وقيل: أنه إنما حرمت لأنها رجس في نفسها.
قال ابن القيم: وهذا أصح العلل، فإنها هي التي ذكرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلفظه في الصحيحين.
• ما حكم شرب لبن الحمر للتداوي؟
إذا حرم لحمها حرم لبنها.
قال ابن قدامة: وألبان الحمر محرمة، في قول أكثرهم. ورخص فيها عطاء، وطاوس والزهري. والأول أصح; لأن حكم الألبان حكم اللحمان .... (المغني).
وقال أيضا (٩/ ٣٣٨): وَلا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِمُحَرَّمٍ، وَلا بِشَيْءٍ فِيهِ مُحَرَّمٌ، مِثْلِ أَلْبَانِ الأُتُنِ (جمع أتان وهي أُنثى الحمار)، وَلَحْمِ شَيْءٍ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، وَلا شُرْبِ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا) ; وَلأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- ذُكِرَ لَهُ النَّبِيذُ يُصْنَعُ لِلدَّوَاءِ فَقَالَ:(إنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ)" انتهى.
وقال ابن القيم رحمه الله: "المعالجة بالمحرمات قبيحة عقلا وشرعا، أما الشرع فما ذكرنا من هذه الأحاديث وغيرها، وأما العقل فهو أن الله سبحانه إنما حرمه لخبثه، فإنه لم يحرم على هذه الأمة طيبا، عقوبةً لها كما حرمه على بني إسرائيل بقوله:(فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم)، وإنما حرم على هذه الأمة ما حرم لخبثه، وتحريمه له حميةً لهم، وصيانةً عن تناوله، فلا يناسب أن يطلب به الشفاء من الأسقام والعلل، فإنه وإن أثر في إزالتها، لكنه يعقب سقما أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه، فيكون المداوى به قد سعى في إزالة سقم البدن بسقم القلب.
وأيضا: فإن تحريمه يقتضي تجنبه والبعد عنه بكل طريق، وفي اتخاذه دواء حض على الترغيب فيه وملابسته، وهذا ضد مقصود الشارع. (زاد المعاد).
وجاء في (فتاوى اللجنة الدائمة) لا يجوز التداوي بشرب ألبان الحمر الأهلية.