٧٢٩ - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (خَرَجْنَا مَعَ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلَّ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، أَوْ جَمَعَ اَلْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمَ اَلنَّحْر) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
(خَرَجْنَا مَعَ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يعني من المدينة، وكان خروجه يوم السبت لخمس بقين من ذي القعدة.
(حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ) سنة عشر من الهجرة، سميت بذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ودع بها الناس.
(فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ) هؤلاء هم المتمتعون، فالمتمتع يهل من الميقات بالعمرة، فإذا فرغ منها حل وجوباً، ثم أهل بالحج يوم التروية.
(مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ) أي: حج مع عمرة، وهؤلاء القارنون.
(ومنا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ) وهؤلاء المفردون.
(وَأَهَلَّ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالْحَجِّ) ظاهر هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حج مفرداً.
• ما هي الأنساك الثلاثة؟
هي: التمتع، والقران، والإفراد.
وقد ذكر غير واحد من أهل العلم الإجماع على أنه يجوز الحج بكل نسك من الأنساك الثلاثة لكل مكلف على الإطلاق.
فقد قال ابن هبيرة: وأجمعوا على أنه يصح الحج بكل نسك من أنساك ثلاثة: التمتع، والإفراد، والقران، لكل مكلف على الإطلاق.
وقال النووي: مذهبنا جواز الثلاثة وبه قال العلماء وكافة الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وقال ابن عبد البر: وفي حديث ابن شهاب عن عروة عن عائشة من الفقه: أن التمتع جائز وأن الإفراد جائز وأن القران جائز وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم.
وقال ابن قدامة: وأجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء، واختلفوا في الأفضل.
وقال الماوردي: لا اختلاف بين الفقهاء في جواز الإفراد، والتمتع، والقران، وإنما اختلفوا في الأفضل.
وهذا الذي ذكره جماعة من أهل العلم، وهو الإجماع على جواز الإحرام بأي نسك من الأنساك الثلاثة، ليس محل إجماع ولا اتفاق على الصحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ثبت عن ابن عباس وطائفة من السلف أن التمتع واجب، وأن كل من طاف بالبيت وسعى ولم يكن معه هدي، فإنه يحل من إحرامه، سواء قصد التحلل أم لم يقصده، وليس عند هؤلاء لأحد أن يحج إلا متمتعا. وهذا مذهب ابن حزم وغيره من أهل الظاهر. (مجلة البحوث الإسلامية).
والدليل على جواز الأنساك الثلاثة:
أ- حديث الباب.
ب-عن عائشة رضي الله عنها، قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال (من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يهل بحج فليهل، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل).
قال النووي - بعدما أورد الحديثين- فيه دليل لجواز الأنواع الثلاثة، وقد أجمع المسلمون على ذلك، وإنما اختلفوا في الأفضل كما سيأتي إن شاء الله.