وقال الجصاص: وما ذكر من الأمر بالمسالمة إذا مال المشركون إليها فحكم حكم ثابت أيضاً، وإنما اختلف حكم الآيتين لاختلاف الحالين، فالحال التي أمر فيها بالمسألة هي حال قلة عدد المسلمين وكثرة عدوهم، والحال التي أمر فيها بقتل المشركين وبقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية هي حال كثرة المسلمين وقوتهم على عدوهم، وقد قال تعالى (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم) فنهى عن المسالمة عند القوة على قهر العدو وقتلهم.
• هل تجوز المهادنة مطلقاً دائماً؟
لا تجوز.
قال ابن قدامة: … فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُهَادَنَةُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَرْكِ الْجِهَادِ بِالْكُلِّيَّةِ.
• واختلف العلماء في مقدار المدة؟
فقيل: لا يجوز أكثر من عشر سنين.
لِمُصَالَحَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قُرَيْشًا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَشْرًا، فَفِيمَا زَادَ يَبْقَى عَلَى مُقْتَضَى الْعُمُومِ.