٧١٤ - وَعَنْهُ قَالَ: (كَانَ اَلْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَتِ اِمْرَأَةٌ مَنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ اَلْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَصْرِفُ وَجْهَ اَلْفَضْلِ إِلَى اَلشِّقِّ اَلْآخَرِ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي اَلْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَثْبُتُ عَلَى اَلرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: " نَعَمْ " وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
===
(كَانَ اَلْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أي: راكباً خلفه.
(فَجَاءَتِ اِمْرَأَةٌ) قال الحافظ: لم تسمّ.
(مَنْ خَثْعَم) قبيلة قحطانية، وفي رواية (تستفتيه).
(أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا) يعني أن الآية أو النص الذي فيه الفريضة حصل بعد أن بلغ والدها الشيخوخة.
(لَا يَثْبُتُ عَلَى اَلرَّاحِلَةِ) أي: لا يثبت على الدابة ولا يستقر لكبر سنه.
(أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟) أي: أيجوز لي أن أنوب عنه فأحج عنه.
(قَالَ: نَعَمْ) وفي حديث أبي هريرة (احججي عن أبيك).
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: جواز الإنابة في الحج عن الغير إذا كان غير قادر.
فالإنسان إذا كان قادراً بماله لكنه غير قادر ببدنه (لا يرجى زوال مرضه) فهذا يجب عليه أن ينيب أحداً عنه، لحديث الباب.
والقدرة قسمها العلماء إلى ثلاثة أقسام:
أولاً: قدرة بالمال والبدن، فهذه توجب حج الإنسان بنفسه.
ثانياً: قدرة بالبدن دون المال، فهذه توجب حج الإنسان بنفسه إذا كان قادراً على المشي، سواء من بلده أم من مكة، فإن كان لا يقدر على المشي وليس عنده راحلة، فإنه لا يجب عليه الحج، لأنه غير مستطيع.
ثالثاً: قدرة بالمال دون البدن، فهذا يقسمه العلماء إلى قسمين:
قسم يرجى زوال عجزه، فهذا لا يجب أن يقيم من يحج عنه، بل لا يصح، لأن عجزه مؤقت.
وقسم لا يرجى زوال عجزه، فهذا يجب أن ينيب عنه أحداً، لحديث الباب.
قال النووي رحمه الله: والجمهور على أن النيابة في الحج جائزة عن الميت والعاجز الميئوس من برئه.
وقال الحافظ ابن حجر: واتفق من أجاز النيابة في الحج على أنها لا تجزئ في الفرض إلا عن موت أو عضَب - أي: شلل -، فلا يدخل المريض؛ لأنه يرجى برؤه، ولا المجنون؛ لأنه ترجى إفاقته، ولا المحبوس؛ لأنه يرجى خلاصه، ولا الفقير؛ لأنه يمكن استغناؤه.
• هل يجوز الحج عن العاجز مالياً؟
حج البدل لا يكون عن العاجز ماليّاً؛ لأن الحج تسقط فرضيته عن الفقير، إنما حج البدل عن العاجز ببدنه.
سئل علماء اللجنة الدائمة: هل يجوز لأحد أن يعتمر أو يحج عن قريبه الذي يكون بعيداً عن مكة، وليس لديه ما يصل به إليها، مع أنه قادر بالطواف؟
فأجابوا: قريبك المذكور لا يجب عليه الحج مادام لا يستطيع الحج ماليّاً، ولا تصح النيابة عنه في الحج ولا في العمرة؛ لأنه قادر على أداء كل منهما ببدنه لو حضر بنفسه في المشاعر، وإنما تصح النيابة فيهما عن الميت، والعاجز عن مباشرة ذلك ببدنه.