للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٢٧ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ (سُئِلَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ عَنْ سُتْرَةِ اَلْمُصَلِّي. فَقَالَ: مِثْلُ مُؤْخِرَةِ اَلرَّحْلِ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

===

(غَزْوَةِ تَبُوكَ) وكانت سنة ٩ هـ.

(مِثْلُ مُؤْخِرَةِ اَلرَّحْلِ) هي عمود الخشب الذي يكون خلف الراكب يستند إليه.

• ماذا نستفيد من الحديث؟

نستفيد: أن الأفضل أن يكون مقدار السترة طولاً مِثْلُ مُؤْخِرَةِ اَلرَّحْلِ.

قال النووي رحمه الله: وَفِي الْحَدِيث النَّدْب إِلَى السُّتْرَة بَيْن يَدَيْ الْمُصَلِّي، وَبَيَان أَنَّ أَقَلّ السُّتْرَة مُؤْخِرَة الرَّحْل، وَهِيَ قَدْر عَظْم الذِّرَاع، هُوَ نَحْو ثُلُثَيْ ذِرَاع، وَيَحْصُل بِأَيِّ شَيْء أَقَامَهُ بَيْن يَدَيْهِ هَكَذَا. (شرح مسلم).

وقال ابن عثيمين رحمه الله: الأفضل أن تكون السترة كمؤخرة الرحل، يعني أن تكون شيئاً قائماً بنحو ثلثي ذراع؛ أي نصف متر. (نور على الدرب).

• هل قوله -صلى الله عليه وسلم- (مثل مؤخرة الرحل) على سبيل التحديد أو على سبيل التحديد أو على سبيل التقريب والأفضلية؟

هذا على سبيل التقريب والأفضلية، فيجوز أطول منها وأقصر.

(فقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يستتر بالجدار). رواه مسلم

(وثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- استتر بالمقام).

وعن ابن أبي أوفى (أنه طاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين). رواه مسلم

(وثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- استتر بالعنزة). رواه البخاري.

وكل هذه الأشياء أطول بكثير من مؤخرة الرحل.

• هل قوله -صلى الله عليه وسلم- (مثل مؤخرة الرحل) تحديد لعرض السترة وغلظها فلا يجوز أقل من ذلك، أم تمثيل وتقريب؟

قال ابن قدامة: فأما قدرها في الغلظ - الدقة - فلا حد له نعلمه، فيجوز أن تكون دقيقة كالسهم والحربة وغليظة كالحائط، ويدل لذلك:

أنه ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى إلى حربة.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّى إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِى السَّفَرِ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الأُمَرَاءُ) متفق عليه.

وثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى إلى عَنَزَة.

عن أَبِى جُحَيْفَةَ قَالَ (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ، وَرَأَيْتُ بِلَالاً أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الْوَضُوءَ، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئاً تَمَسَّحَ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئاً أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ بِلَالاً أَخَذَ عَنَزَةً فَرَكَزَهَا، وَخَرَجَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا، صَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَىِ الْعَنَزَة) متفق عليه.

أمر بالصلاة إلى السهم.

كما في حديث سبرة. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (لِيَسْتَتِرْ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ بِسَهْمٍ).

وكل ذلك أدق بكثير من مؤخرة الرحل، ولم يرد في الشرع ما يمنع أدق من هذه المذكورات.

- لكن السترة العريضة أولى، وأبعد عن التشويش، وأجمع لقلب المصلي، إذا تيسرت له.

قال الإمام أحمد رحمه الله: وما كان أعرض فهو أعجب إلي.

قال ابن قدامة: وذلك لأن قوله (ولو بسهم) يدل على أن غيره أولى منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>