وبهذا يجمع بين الحديث السابق، وبين هذا الحديث؟
قال النووي: وذهب الشافعي والجمهور إلى أنه إذا شك هل ثلاثاً أم أربعاً مثلاً، لزمه البناء على اليقين وهو الأقل، واحتجوا بحديث أبي سعيد (فليطرح الشك وليبن على ما استيقن … ) وهذا صريح في وجوب البناء على اليقين، وحملوا التحري في حديث ابن مسعود على الأخذ باليقين، قالوا: والتحري هو القصد.
فالخلاصة أن الشك في الصلاة ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يشك ولم يترجح عنده شيء.
فهذا يعمل باليقين وهو الأقل، ويسجد للسهو قبل السلام.
لحديث أبي سعيد السابق (فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّم).
القسم الثاني: أن يشك ويترجح عنده أحد الأمرين، فيعمل به ويسجد للسهو بعد السلام.
لحديث الباب.
• ما صحة حديث عَبْدِ بْنِ جَعْفَرٍ مَرْفُوعاً (مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ)؟
هذا الحديث ضعيف ولا يصح، وهو معارض لحديث أبي سعيد وابن مسعود.
فإن في هذا الحديث أن سجود السهو للشك يكون بعد السلام، وقد تقدم ما يعارض ذلك في حديثي أبي سعيد وابن مسعود وفيهما أن السجود للشك قبل السلام إن بنى على اليقين، وبعده إن بنى على غالب ظنه.
• ما الحكم إذا شك في صلاته فعمل باليقين أو بما ترجح عنده حسب التفصيل المذكور ثم تبين له أن ما فعله مطابق للواقع وأنه لا زيادة في صلاته ولا نقص، هل يسقط للسهو أو يسقط؟
قيل: يسقط عنه سجود السهو.
لزوال موجب السجود وهو الشك.
وقيل: لا يسقط عنه.
أ- ليراغم به الشيطان لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (وإن كان صلى إتماماً كانتا ترغيماً للشيطان).
ب- ولأنه أدى جزءً من صلاته شاكاً فيه حين أدائه
وهذا هو الراجح
مثال ذلك: شخص يصلي فشك في الركعة أهي الثانية أم الثالثة؟ ولم يترجح عنده أحد الأمرين فجعلها الثانية وأتم عليها صلاته ثم تبين له أنها هي الثانية في الواقع فلا سجود عليه على المشهور من المذهب، وعليه السجود قبل السلام على القول الثاني الذي رجحناه.