وخرَّج الإمام أحمد وأبو داود والترمذيُّ من حديث أبي الدرداء، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال (ألا أخبركم بأفضلَ مِنْ درجة الصلاة والصيام والصَّدقة؟) قالوا: بلى يا رسول الله، قال (صلاحُ ذاتِ البينِ؛ فإنَّ فسادَ ذات البين هي الحالِقةُ).
وأمَّا البغض في الله، فهو من أوثق عرى الإيمان، وليس داخلاً في النَّهي.
رابعاً: (وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ).
فيه: تحريم بيع المسلم على أخيه المسلم.
مثاله: أن يشتري شخص من إنسان سلعة بـ (١٠) ثم يأتيه آخر ويقول: أعطيك مثلها بـ (٩)، أو يقول أعطيك أحسن منها بـ (١٠).
والحكمة من النهي: حصول التحاسد والتباغض.
وقد تقدمت مباحثه في كتاب البيوع.
خامساً: أن المسلم أخو المسلم.
كما قال تعالى (إنما المؤمنون إخوة).
ومن مقتضيات ذلك ألا يظلمه ولا يكذبه، ولا يغشه، ولا يخونه، ولا يخذله، ولا يحقره.
ولذلك قال (وَكُونُوا عِبَادَ الله إخْوَاناً) قال الحافظ: هذه الجملة تشبه التعليل لما تقدم، كأنه قال: إذا تركتم هذه المنهيات كنتم إخواناً، ومفهومه: إذا لم تتركوها تصيروا أعداء.
فقوله (وَكُونُوا عِبَادَ الله إخْوَاناً) يحتمل معنيين:
أحدهما: إنه إنشاء يراد به الخبر، أي: إذا تركتم الحسد والتدابر .... فستكونون يا عباد الله إخواناً.
الثاني: أن المراد به حقيقة الأمر، أي: كونوا عباد الله إخواناً فيه.
[ما حكم الظلم وخذلان المسلم؟]
حرام، لقوله (لا يظلمه) وقد تقدمت مباحثه.
ولقوله (وَلَا يَخْذُلُهُ).
فإنَّ المؤمن مأمورٌ أنْ يَنصُرَ أخاه.
كما قال -صلى الله عليه وسلم- (انصُر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قال: يا رسولَ الله، أنصُرُهُ مَظلوماً، فكيف أنصره ظالماً؟ قال: تمنعه عنِ الظُّلم، فذلك نصرُك إيَّاه).
[ما حكم احتقار المسلم لأخيه المسلم؟]
حرام.
لقوله (ولا يَحقِرُه).
ولقوله (بِحَسْبِ اِمْرِئٍ مِنْ اَلشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ اَلْمُسْلِم).
وقال تعالى (يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِنْ نِّسَاء عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا
مِّنْهُنَّ … ).