بَابُ إِزَالَةِ اَلنَّجَاسَةِ وَبَيَانِهَا
٢٤ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: (سُئِلَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ اَلْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا؟ قَالَ: لَا) أَخْرَجَهُ مُسْلِم.
===
(سُئِلَ رَسُولُ اَللَّهِ) لم يبين به هنا السائل، لكن جاء في رواية عند أبي داود وأحمد: (أن أبا طلحة سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أيتام ورثوا خمراً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أهرقها، قال: أفلا أجعلها خلاً؟ قال: لا).
(عَنْ اَلْخَمْرِ) الخمر: ما أسكر العقل من عصير كل شيء ونقيعه، سواء كان من العنب أو التمر أو غيرهما.
(تُتَّخَذُ خَلًّا) المراد باتخاذها خلاً هو علاجها حتى تصير خلاً بعدما تشتد وتقذف الزبد، وذلك بوضع شيء فيها، كبصل أو خبز أو خميرة ونحو ذلك، أو ينقلها من الظل إلى الشمس أو بالعكس.
• هل الخمر نجسة أم طاهرة؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أنها نجسة.
وهذا مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم ورجحه ابن تيمية والشنقيطي وابن باز رحم الله الجميع.
أ- لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس).
فقد سمى الله الخمر رجساً، والرجس النجس، قالوا: ولا يضر قرن الميسر والأنصاب والأزلام معها، وذلك أن ثلاثتها قد خرجت بالإجماع.
قال الشنقيطي: يُفهم من هذه الآية الكريمة أن الخمرَ نجسة العين، لأن الله تعالى قال (إنها رجس) والرجس في كلام العرب كل مستقذر تعافه النفس.
ب- ولقوله تعالى (وسقاهم ربهم شراباً طهوراً).
قال الشنقيطي: لأن وصفه لشراب أهل الجنة بأنه طهور، يفهم منه أن خمر الدنيا ليست كذلك، ومما يؤيد هذا أن كل الأوصاف التي مدح الله بها خمر الآخرة منفية عن خمر الدنيا كقوله (لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ) وكقوله (لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ) بخلاف خمر الدنيا ففيها غوْل يغتال العقول وأهلها، يُصدعون، أي: يصيبهم الصداع الذي هو وجع الرأس.