• وهل يجب على السيد مكاتبة عبده إذا طلب منه العبد وعلم منه خيراً؟
اختلف العلماء على قولين:
القول الأول: أنه واجب.
وهذا مذهب ابن حزم، ونقل وجوبه عن مسروق والضحاك.
لقوله تعالى (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً).
القول الثاني: أنه غير واجب.
وهذا مذهب الجمهور.
والصارف عن الوجوب:
أن هذا مال له، ولم يوجب الله عز وجل إخراج المال على المالك إلا بالزكاة أو النفقة الواجبة.
وهذا القول هو الصحيح، لظاهر الآية الكريمة.
لكن يسن للسيد أن يكاتبه إذا علم فيه خيراً، استجابة لأمر الله.
• ماذا نستفيد من قول عائشة ( … أعدها لهم)؟
نستفيد: أنه يجوز أن يكون شراء المكاتب حالاً كما يجوز بأقساط.
• ما حكم تعجيل الدين المؤجل مقابل إسقاط بعضه حالاً، وماذا تسمى هذه المسألة؟
هذه المسألة تسمى مسألة (ضَع وتَعجَّل)، وهي أنْ يُصالِح عَنْ الدَّين المُؤجَّل بِبَعضِه حَالاً.
وقد اختلف العلماء في حكم هذه المسألة على قولين:
القَول الأول: تَحريم ذلك وهو قَول أبي حَنيفَة ومَالِك والشَّافِعيّ والمَشهور عن أحمَد.
ووَجه ذلك: أنَّه شَبِيه بالزِّيادَة مع الإِنظار المُجمَع على تَحريمها؛ لأنَّه جَعل لِلزمان مِقدارًا مِنْ الثَّمن بَدلاً منه في المَوضِعَين جَميعًا، فَهو في الصُّورتَين جَعل للزَّمان ثَمنًا لِزيادَته ونَقصه.
وعَلَّل صَاحِب المُبدِع مِنْ الحَنابِلة بِقَوله: لأنه يَبذِل القَدر الذي يَحطَه عِوضًا عن تَعجِيل ما في ذِمَّته وبَيع الحِلول والتَّأجِيل لا يَجوز.
وهذا التَّعلِيل بمعنى ما علَّل به صاحِب فَتح القَدير مِنْ الحَنفيَّة حَيث يَقول: وذلك اعتِياض عن الأَجَل وهو حَرام)، وهما يَتَّفِقان مَع قول ابن رُشد: لأنَّه جَعل لِلزَّمان مِقدارًا مِنْ الثَّمَن) فاتَّفَقتْ كَلِمتهم على أن بَيع الأَجَل لا يَجوز وهو الذي مِنْ أَجلِه مَنعوا مَسألة: (ضَع وتَعجَّل):
قال ابن القَيِّم في إِغاثَة اللَّهفان: واحتَجّ المَانِعون بِالأَثَر والمَعنى؛ أَمَّا الآثار فَفي سُنَن البّيهَقي عن المِقْدَاد بن الأَسوَد قال: (أَسلفْتُ رَجُلاً مَائة دِينار فقُلْتُ له: عَجِّلْ تِسعين دِينارًا وأَحطُّ عَشرة دَنانير؟ فقال: نَعم، فَذَكرْتُ ذلك لِرسُول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- فقال: أَكلْتَ رِبا مِقْداد وأَطعَمتَه). وفي سَنَده ضَعف.
وصحَّ عن ابن عُمر رَضِي اللَّه عنهما أنَّه قد سُئِل عن الرَّجُل يَكون له الدَّين على رَجُل إلى أَجَل فَيَضَع عنه صَاحِبه ويُعجِّل له الآخَر، فَكرِه ذلك ابن عُمر ونَهى عنه.
وصحَّ عن أبي المِنهال أنَّه سأل ابن عُمر رَضِي اللَّه عَنهما فَقال لِرَجُل: علَيّ دَين، فَقال لي: عَجِّلْ لي لِأضَع عَنك، قال: فَنَهاني عنه. وقال: نَهى أمير المؤمنين - يَعني عُمر - أنْ يَبيع العَين بالدَّين. وقال أبو صَالِح مَولى السَّفاح واسمه عُبَيد: بِعْتُ برًّا مِنْ أهل السُّوق إلى أَجَل ثم أَردتُ الخُروج إلى الكوفَة فعَرضوا علَيّ أنْ أضَع عَنهم ويَنقِدوني فَسَألتُ عن ذلك زَيد بن ثابِت فقال: (لا آمُرك أنْ تَأكُل هذا ولا تُوكِله) رَواه مَالِك في المُوطّأ.