القول الثاني: أنه لا يجب استتابته.
وهذا قول الحسن وطاووس وأهل الظاهر.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (من بدل دينه فاقتلوه) ولم يذكر الاستتابة.
والراجح أن الأمر راجع إلى رأي الإمام ينظر حسب المصلحة.
• ما رأيك بقول من قال: الردة خاصة بزمن النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
قول باطل.
ومن الأدلة على بطلان هذا القول:
أولا: عموم قوله -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ).
و (مَنْ) اسم شرط، ومن المقرر عند علماء الأصول أن اسم الشرط يفيد العموم، فهذا الحكم عام في كل من ارتد عن دين الإسلام في كل زمان ومكان، ومن رام تخصيصه في زمن معين فيلزمه الدليل الشرعي الواضح على هذا التخصيص.
ثانياً: جريان عمل الأمة الإسلامية على تطبيق "عقوبة الردة" من بعد زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- في العصور كافةً من غير نكير من أحد من أهل العلم.
فقاتل أبو بكر المرتدين عن دين الإسلام، وتبعه الصحابة على ذلك ولم يخالفه منهم أحد.
وأمر عمر بن الخطاب بقتل جماعة من المرتدين كما رواه عبد الرزاق في " المصنف" (١٠/ ١٦٨) عن عبد الله بن عتبة قال: أخذ ابن مسعود قوماً ارتدوا عن الإسلام من أهل العراق، فكتب فيهم إلى عمر، فكتب إليه: أن اعرض عليهم دين الحق وشهادة أن لا إله إلا الله، فإن قبلوها فخل عنهم، وإن لم يقبلوها فاقتلهم فقبلها بعضهم فتركه، ولم يقبلها بعضهم فقتله.
وكذلك قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه جماعة من المرتدين، وأقره على قتلهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري.
وفي " المصنف (لعبد الرزاق) عن أبي عمرو الشيباني: أن المستورد العجلي تنصر بعد إسلامه، فبعث به عتبة بن فرقد إلى علي، فاستتابه فلم يتب، فقتله.
وقتل أبو موسى الأشعري ومعاذ رضي الله عنهما يهودياً أسلم ثم ارتد، فعَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، فَأَتَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ -رضي الله عنه- وَهُوَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: مَا لِهَذَا؟ قَالَ: أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ. قَالَ معاذ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى أَقْتُلَهُ، قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم-.
وحوادث قتل المرتين وشواهده في التاريخ كثيرة جداً، لا يمكن حصرها.
ثالثاً: لم يقل أحد من علماء الإسلام في تاريخ هذه الأمة على مدار أربعة عشر قرناً أن "عقوبة المرتد " خاصة بزمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكيف يخفى الحق في هذه المسألة الهامة على علماء الأمة على مدار هذه الأزمان حتى يأتي في هذا الزمن من يبينه لهم!!.
(الاسلام س ج).