القول الثالث: تصح الكفالة في الحدود والقصاص، سواء كان حقاً لله أو لآدمي.
وهذا اختيار ابن تيمية.
لحديث بريدة في قصة الغامدية التي اعترفت بالزنا، وفيه قال: فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، رواه مسلم.
والصحيح الأول، لأن الكفالة في البدن في الحقوق المالية إذا تعذرت انتقلت إلى الضمان المالي، بخلاف هذه المسألة، فلا عوض للبدن إذا تعذر حضوره، إذ لا يمكن الاستيفاء من الكفيل في الحد والقصاص.
• متى يبرأ الكفيل؟
يبرأ في الأحوال التالية:
أولاً: أن يُسلّم المكفول نفسه. (وإذا برئ الأصل برئ الفرع).
ثانياً: بموت المكفول، لأن إحضاره في هذه الحالة متعذر.
ثالثاً: بإبراء المكفول له (صاحب الحق).
- (إذا برئ المكفول برئ الكفيل لا عكس).
• ما الحكم إذا مات المكفول؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن الكفيل يبرأ بموت المكفول.
وهذا مذهب الحنفية، ومشهور مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة.
أ- أنه ثبت عجزه عن إحضاره بسبب موته، فبطلت الكفالة.
ب- أن الحضور سقط عن الأصيل فسقط عن الفرع وهو الكفيل.
القول الثاني: أنه لا يبرأ، بل يلزمه الضمان المالي، ويرجع به على ورثته.
وهذا قول الليث، وهو اختيار ابن تيمية.
أ- أن العقود مبنية على التراضي، والبائع لم يرض بالعقد إلا في حال توثيقه بكفالة تحفظ حقه، فإذا براء الكفيل كان ذلك منافياً لمفهوم الرضى في العقد، منافياً لمقصود الشارع من مشروعية الكفالة.
ب- القياس على ما لو عجز الكفيل في الحياة عن إحضار بدن المكفول، فإنه يلزمه الضمان المالي، والموت تسبب في عجز الكفيل عن إحضار بدن الميت من ناحية الحكم.
والأول أصح، والله أعلم.
• هل يشترط رضا الكفيل؟
نعم.
يشترط رضا الكفيل لا المكفول.