وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: إذا نوى الزوج الثاني أنه متى حلَّلها للأول طلقها: فإنها لا تحل للأول، والنكاح باطل، والدليل: أن هذا نوى التحليل، فيكون داخلاً في اللعن، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:(إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى). (الممتع).
قال ابن عبد البر رحمه الله: وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- لامرأة رفاعة:(أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة) دليل على أن إرادة المرأة الرجوع إلى زوجها لا يضر العاقد عليها، وأنها ليست بذلك في معنى التحليل المستحق صاحبه اللعنة " انتهى. "التمهيد" (١٣/ ٢٢٧).
وقال ابن القيم رحمه الله: لا أثر لنية الزوجة ولا الولي وإنما التأثير لنية الزوج الثاني فإنه إذا نوى التحليل كان محللاً فيستحق اللعنة ثم يستحقها الزوج المطلق إذا رجعت إليه بهذا النكاح الباطل، فأما إذا لم يعلم الزوج الثاني ولا الأول بما في قلب المرأة أو وليها من نية التحليل لم يضر ذلك العقد شيئاً. وقد علم النبي -صلى الله عليه وسلم- من امرأة رفاعة أنها كانت تريد أن ترجع إليه ولم يجعل ذلك مانعاً من رجوعها إليه، وإنما جعل المانع عدم وطء الثاني فقال:(حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك).
الخلاصة:
إذا تم الاتفاق مع الزوج الثاني أنه سيتزوجها ليحلها لزوجها الأول، أو نوى الزوج الثاني ذلك من غير اتفاق مع أحد، وليس له رغبة في نكاحها ولا البقاء معها، فهذا هو نكاح التحليل الذي لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من فعله، ولا تحل المرأة بهذا النكاح المحرم لزوجها الأول، حتى لو جامعها الثاني.
• لكن هل نية المرأة معتبرة أم لا؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أن النية المعتبرة في نكاح التحليل هي نية الزوج المحلل الناكح فقط.
وهذا مذهب المالكية، والحنابلة، ورجحه ابن عبد البر.
لأن الطلاق والإمساك في عقد النكاح إنما هو للمحلل الناكح، وأما المرأة المحللة وكذا الزوج المحلل له فلا مدخل لهما في ذلك، فلزم أن لا يعتبر في نكاح التحليل سوى نية المحلل، لعدم تأثير من سواه في بقاء عقد النكاح وزواله.
قال ابن قدامة: ونية المرأة ليس بشيء، إنما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (لعن الله المحلل والمحلل له) ولأن العقد إنما يبطل بنية الزوج؛ لأنه الذي إليه المفارقة والإمساك، أما المرأة فلا تملك رفع العقد، فوجود نيتها وعدمها سواء، وكذلك الزوج الأول لا يملك شيئاً من العقد، ولا من رفعه، فهو أجنبي كسائر الأجانب.