• ما وجه قوله -صلى الله عليه وسلم- (مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ)؟
قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى:
قيل: أراد -صلى الله عليه وسلم- تلقينه الرجوع عن الاعتراف، وللإمام ذلك فِي السارق، إذا اعترف.
ومن لا يقول به يقول: لعله ظنّ بالمعترف غفلة عن معنى السرقة، وأحكامها، أو لأنه استبعد اعترافه بذلك؛ لأنه ما وُجِد معه متاع، واستدلّ به منْ يقول: لابدّ فِي السرقة منْ تعدّد الإقرار. انتهى.
وقال الخطّابيّ رحمه الله تعالى: وجه هَذَا الْحَدِيث عندي -والله أعلم- أنه ظنّ بالمعترف بالسرقة غَفْلَةً، أو يكون قد ظنّ أنه لا يعرف معنى السرقة، ولعله قد كَانَ مالا له، أو اختلسه، أو نحو ذلك، مما يخرج منْ هَذَا الباب عن معاني السرقة، والمعترف به قد يحسب أن حكم ذلك حكم السرقة، فوافقه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واستثبت الحكم فيه، إذ كَانَ منْ سنّته: أن الحدود تُدرأ بالشبهات، ورُوي عنه أنه قال (ادرؤا الحدود ما استطعتم) وأمرنا بالستر عَلَى المسلمين، فكره أن يهتكه، وهو يجد السبيل إلى ستره، فلما تبيّن وجود السرقة منه يقينًا، أقام الحدّ عليه، وأمر بقطعه.
• لماذا أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالاستغفار والتوبة مع أن الحدود كفارات؟
قَالَ السنديّ: لعل المراد بالاستغفار، والتوبة منْ سائر الذنوب، أو لعله قَالَ ذلك ليعزم عَلَى عدم العود إلى مثله، فلا دليل لمن قَالَ: الحدود ليست كفّارات لأهلها، مع ثبوت كونها كفّارات بالأحاديث الصحاح التي كادت تبلغ حدّ التواتر، كيف والاستغفار مما أُمر به النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ تعالى (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) وَقَدْ قَالَ تعالى (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ)، لمعان ومصالح ذكروا فِي محله، فمثله لا يصلح دليلا عَلَى بقاء ذنب السرقة. والله تعالى أعلم.
• ماذا يفعل بعد قطع يد السارق؟
حسمها. والحسم في اللغة القطع، والمراد حسم الدم، أي: قطعه.
وذلك بأن يغلى زيت، أو دهن، أو نحوهما، ثم تغمس فيه وهو يغلي، فإذا غمست فيه وهو يغلي تسددت أفواه العروق، وإنما وجب حسمها؛ لأنها لو تركت لنزف الدم ومات، والحد لا يراد به موته وإتلافه، إنما يراد به تأديبه.
والحكمة من قطعها دون سائر الأعضاء هو أنه لما كانت اليد هي آلة الأخذ في الغالب صار القطع خاصاً بها؛ ولهذا اختص باليمين دون اليسار؛ لأنها هي التي يؤخذ بها غالباً، حتى لو فُرض أنه أعسر لا يعمل إلا باليد اليسرى.