ج-التعجيل فيه مصلحة عاحلة للفقير، ولا يتعارض مع مصلحة صاحب المال المتطوِّع بالتعجيل.
د-القول بجواز تعجيل الزكاة، مظهر من مظاهر التخفيف التي دعا إليها الشّارع؛ وقد ورد التخفيف في الشّرع على ستة أوجه:
أحدها: بإسقاط المفروض: كإسقاط الحج عن الفقير، والصّلاة عن الحائض والمجنون والمغمَى عليه.
الثاني: بالتنقيص: إمّا من الأصل: كالقصر في السفر، أو من الأركان: كالإيماء في أفعال الصلاة للمريض.
الثالث: بالبدل: كمسح الرأس بدلًا عن غسلها، ومسح الخفّ عن غسل الرجلين، والتيمم عن الماء، والعاجز عن الصيام بالفدية.
الرابع: بالتقديم: كالجمع بين الصّلاتين، وتعجيل الزّكاة.
الخامس: بالتأخير: كالجمع والإفطار للمعذور.
القول الثاني: أنه لا يجوز تعجيلها قبل تمام الحول.
وبهذا قال المالكية، واختاره ابن المنذر.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) رواه الترمذي.
والراجح القول الأول، لكن الأفضل عدم فعل ذلك إلا لمصلحة.
• هل الأفضل تعجيل الزكاة أم لا؟
الأفضل عدم تعجيلها، يعني لا يستحب (مع قولنا بالجواز).
أولاً: لأن الأصل أن تفعل العبادة عند حلول وقتها،
ثانياً: أنه ربما تتغير الحال، فقد يتلف المال، أو ينقص النصاب.
قال الشيخ ابن عثيمين: ولكن نفي الاستحباب لا يقتضي عدم ثبوته لسبب شرعي، مثل أن تدعو الحاجة للتعجيل كمعونة مجاهدين، أو لحاجة قريب، أو ما أشبه ذلك، فهنا استحباب تعجيلها ليس لذاته، وإنما لغيره، وهو السبب الطارئ الذي صارت المصلحة في تقديم الزكاة من أجله. (الشرح الممتع).
مثال آخر: لنفرض أن رجلاً يريد أن يتزوج هذا العام وهو محتاج إلى الزواج فيطلب منّا معاونته، فيجوز أن تقدم زكاة المال القادم، فهذا فيه مصلحة للمعطى، وفي هذه الحالة يكون التقديم أفضل.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ما حكم تعجيل الزكاة لسنوات عديدة للمنكوبين، والذين تحل بهم مصائب؟
فأجاب: تعجيل الزكاة قبل حلولها لأكثر من سنة: الصحيح: أنه جائز لمدة سنتين فقط، ولا يجوز أكثر من ذلك، ومع هذا لا ينبغي أن يعجل الزكاة قبل حلول وقتها، اللهم إلا أن تطرأ حاجة كمسغبة شديدة (مجاعة)، أو جهاد، أو ما أشبه ذلك، فحينئذ نقول: يُعجل؛ لأنه قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل، وإلا فالأفضل ألا يزكي إلا إذا حلت الزكاة؛ لأن الإنسان قد يعتري ماله ما يعتره من تلف، أو غيره، وعلى كل حال ينبغي التنبه إلى أنه لو زاد عما هو عليه حين التعجيل: فإن هذه الزيادة يجب دفع زكاتها.
• ما حكم تأخير إخراج الزكاة؟
يجب إخراج الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخيرها عن وقت وجوبها.
أ-لأن الله أمر بإيتاء الزكاة، والأمر يقتضي الفور.
ب- وأيضاً فإن حاجة الفقراء ناجزة، وحقهم في الزكاة ثابت، فيكون تأخيرها عنهم منعاً لحقهم في وقته.