١٢٧٥ - وَعَنْ سَمُرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (اُقْتُلُوا شُيُوخَ اَلْمُشْرِكِينَ، وَاسْتَبْقُوا شَرْخَهُمْ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ.
===
(شُيُوخَ اَلْمُشْرِكِينَ) جمع شيخ، وهو من كبُرت سنه.
(شَرْخَهُمْ) الشرْخ: جمع شارخ، وهم الصغار.
• ما صحة حديث الباب؟
ضعيف.
• ما الجمع بين حديث الباب (اُقْتُلُوا شُيُوخَ اَلْمُشْرِكِينَ) وبين حديث (لا تقتلوا شيخاً فانياً)؟
أن الشيخ الكبير الفاني الذي لا يقاتل لا يُقتل، وأما حديث الباب فالمراد بهم: الشيوخ الذين فيهم قوة على القتال، ومعونة عليه برأي أو تدبير، وبهذا تجتمع الأدلة.
قال الشوكاني: قوله: (لا تقتلوا شيخاً فانياً) ظاهره أنه لا يجوز قتل شيوخ المشركين، ويعارضه حديث (اقتلوا شيوخ المشركين).
وقد جمع بين الحديثين: بأن الشيخ المنهي عن قتله في الحديث الأول: هو الفاني الذي لم يبق فيه نفع للكفار، ولا مضرة على المسلمين، وقد وقع التصريح بهذا الوصف بقوله (شيخاً فانياً).
والشيخ المأمور بقتله في الحديث الثاني: هو من بقي فيه نفع للكفار وهو بالرأي كما في دريد بن الصمة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما فرغ من حنين بعث أبا عامر على جيش أوطاس فلقي دريد بن الصمة وقد كان نيف على المائة وقد أحضروه ليدبر لهم الحرب فقتله أبو عامر، ولم ينكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك عليه كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي موسى والقصة معروفة. (نيل الأوطار).
وقال ابن قدامة: ولَنَا، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلَا طِفْلًا، وَلَا امْرَأَةً) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، فِي سُنَنِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي الله عنه- أَنَّهُ وَصَّى يَزِيدَ حِينَ وَجَّهَهُ إلَى الشَّامِ، فَقَالَ: لَا تَقْتُلْ صَبِيًّا، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا هَرِمًا
وَعَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ وَصَّى سَلَمَةَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَالَ: لَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً، وَلَا صَبِيًّا، وَلَا شَيْخًا هَرِمًا. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ.
وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، فَلَا يُقْتَلْ، كَالْمَرْأَةِ.
وَقَدْ أَوْمَأَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي الْمَرْأَةِ، فَقَالَ (مَا بَالُ هَذِهِ قُتِلَتْ، وَهِيَ لَا تُقَاتِلُ).
وَالْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ عُمُومِهَا الْمَرْأَةُ، وَالشَّيْخُ الْهَرِمُ فِي مَعْنَاهَا، فَنَقِيسُهُ عَلَيْهَا.
وَأَمَّا حَدِيثُهُمْ، فَأَرَادَ بِهِ الشُّيُوخَ الَّذِينَ فِيهِمْ قُوَّةٌ عَلَى الْقِتَالِ، أَوْمَعُونَةٌ عَلَيْهِ، بِرَأْيِ أَوْ تَدْبِيرٍ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّ أَحَادِيثَنَا خَاصَّةٌ فِي الْهَرِمِ، وَحَدِيثَهُمْ عَامٌّ فِي الشُّيُوخِ كُلِّهِمْ، وَالْخَاصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ، وَقِيَاسُهُمْ يَنْتَقِضُ بِالْعَجُوزِ الَّتِي لَا نَفْعَ فِيهَا. (المغني).