• متى يحرم الرجوع في الهبة؟
تحريم الرجوع في الهبة محمول على الهبة التي تم قبضها من المتهب، قالوا: لأن القيء في الحديث بمنزلة إقباض الهبة.
أما إذا لم تقبض فإنها تكون غير لازمة، لكن الحنابلة يرون كراهة الرجوع ولو كانت لم تقبض، وشيخ الإسلام ابن تيمية يرى تحريم الرجوع في الهبة ولو لم تقبض، لان هذا من إخلاف الوعد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول (آية المنافق ثلاث: وإذا وعد أخلف .. ) فدل هذا على إن إخلاف الوعد حرام.
• ويستدل على جواز الرجوع قبل القبض؟
أ- ما ورد عن أبي بكر وعمر وعلي وغيرهم -صلى الله عليه وسلم-.
ب- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه) والرجوع في الموهوب إنما يكون في حق الأعيان دون الأقوال، والهبة قبل القبض رجوع في قول فلا يدخل في هذا الحديث؛ لأن عقد الهبة لم يتم.
ج-ويمكن أن يستدل لذلك أيضاً: بأن عقد الهبة من عقد التبرعات التي لا تلزم باتفاق، وإلزام المتبرع بقوله الصادر منه مصير إلى اللزوم دون حاجة تدعو إلى ذلك؛ لأن مجرد القول لم يترتب عليه استحقاق أو ظلم، وإنما هو مجرد وعد.
• من يستثنى من ذلك؟
الوالد، فإنه يجوز له أن يرجع في الهبة.
وهذا مذهب جمهور العلماء.
لحديث ابن عباس - وسيأتي إن شاء الله - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده) رواه أبو داود.
• هل تصح هبة المعدوم؟
جمهور العلماء على عدم الجواز.
قال ابن قدامة: ولا تصح هبة المعدوم، كالذي تثمر شجرته، أو تحمل أمته، لأن الهبة عقد تمليك لم تصح في هذا كله كالبيع.
وذهب بعض العلماء إلى جواز ذلك، واختاره ابن تيمية.
لأن الهبة من عقود التبرعات لا من عقود المعاوضات، فيتوسع فيها ما لا يتوسع في عقود المعاوضات.
وهذا الراجح.
• هل يجوز للأب أن يتملك من مال ولده؟
نعم، يجوز للأب أن يتملك من مال ابنه ما شاء.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (أنت ومالك لأبيك).
• لكن لتملك الأب من مال ولده شروط هي:
الأول: أن لا يضر الولد.
لحديث (لا ضرر ولا ضرار) رواه ابن ماجه.
فلو كان الابن ليس عنده إلا سيارة يركبها، أو بيت يسكنه مثلاً، فليس للأب أن يتملكها، ويترك ولده بدون سيارة لحديث (لا ضرر ولا ضرار).
الثاني: أن لا يكون وسيلة للتفضيل.
فإذا كان الأب يمنع أن يخصص أحد أولاده من ماله، فكذلك يمنع كونه يتملكه من ابنه زيد ويعطيه عمراً، فهذا ممنوع من باب أولى.
الثالث: أن لا يكون في مرض أحدهما المخوف.
لأن الإنسان إذا مرض مرضاً مخوفاً لا يملك من ماله إلا الثلث، فهذا هو الذي يملك أن يتبرع به، وعلى هذا إذا مرض الأب مرضاً مخوفاً فليس له أن يتملك الآن، كذلك الابن إذا مرض مرضاً مخوفاً فليس للأب أن يتملك، لأننا لو قلنا يتملك، لكان تملك مال غيره، لأن هذا المال للورثة لانعقاد سبب الإرث.