فقال سبحانه (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل).
وأخبر سبحانه عن خسة الدنيا وزهد فيها ودعا إلى دار السلام.
فقال تعالى (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون. والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم).
وأخبر سبحانه أن الدنيا زائلة والآخرة خير وأبقى.
فقال تعالى (بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى).
قال ابن كثير: " أي تقدمونها على أمر الآخرة وتبدونها على ما فيه نفعكم وصلاحكم في معاشكم ومعادكم ".
وقال -صلى الله عليه وسلم- (إن الدنيا حلوة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا) رواه مسلم.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها) رواه الترمذي.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء) رواه الترمذي.
[اذكر ما ورد في حث الشريعة على الاستغناء عن الناس؟]
حديث الباب.
ففيه فضل الاستغناء عما في أيدي الناس، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جعله سبباً لمحبة الناس لك.
لأنهم منهمكون على محبتها بالطبع، فمن زاحمهم عليها أبغضوه، ومن زهد فيها وتركها لهم أحبوه.
وقد جاء في حديث سهل بن سعد مرفوعاً (شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس) رواه الطبراني.
وقال الحسن: لا تزال كريماً على الناس، أو لا يزال الناس يكرمونك ما لم تعاط ما في أيديهم، فإذا فعلت ذلك استخفوا بك، وكرهوا حديثك وأبغضوك.
وقال أيوب السختياني: لا ينبل الرجل حتى يكون فيه خصلتان: العفة عما في أيدي الناس، والتجاوز عما يكون منهم.
وكان عمر يقول في خطبته: إن الطمع فقر، وإن اليأس غنى، وإن الإنسان إذا أيس من الشيء استغنى عنه.
وقال أعرابي لأهل البصرة: من سيد أهل هذه القرية؟ قالوا: الحسن، قال: بما سادهم؟ قالوا: احتاج الناس إلى علمه، واستغنى هو عن دنياهم.