٦٣٤ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا أَنْفَقَتِ اَلْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا، غَيْرَ مُفْسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا بِمَا أَنْفَقَتْ وَلِزَوْجِهَا أَجْرُهُ بِمَا اِكْتَسَبَ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَا يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ شَيْئًا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
(إِذَا أَنْفَقَتِ اَلْمَرْأَةُ) أي: تصدقت كما في رواية الترمذي (إذا تصدقت المرأة)، والمراد بالمرأة هنا الزوجة بدليل الرواية الأخرى ( … من طعام زوجها).
(مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا) أي: من طعام زوجها الذي في بيتها المتصرفة هي فيه، وإنما خص الطعام بالذكر، لغلبة المسامحة به عادة، وإلا فغيره مثله.
(غَيْرَ مُفْسِدَةٍ) أي: غير مسرفة في التصدق بأن لا تتعدى إلى الكثرة المؤذية إلى النقص الظاهر.
• من المعلوم أنه لا يجوز للإنسان أن يتصرف في ملك غيره إلا بإذنه، فما الجواب عن حديث الباب؟
اختلف العلماء في الجواب عن هذا الحديث:
أ-فمن العلماء من أجازه في الشيء اليسير الذي لا يؤبه له ولا يظهر به النقصان.
قال النووي: اعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يعلم رضا المالك به في العادة، فإن زاد على المتعارف لم يجز.
وقال أيضاً: الإذن ضربان:
أحدهما: الإذن الصّريح في النّفقة والصّدقة.
والثّاني: الإذن المفهوم من اطّراد العرف والعادة، كإعطاء السّائل كسرة ونحوها ممّا جرت العادة به، واطّرد العرف فيه، وعلم بالعرف رضا الزّوج والمالك به، فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلّم …
واعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يعلم رضا المالك به في العادة، فان زاد على المتعارف لم يجز، وهذا معنى قوله: (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة) فأشار إلى أنه قدر يعلم رضا الزوج به في العادة. (شرح مسلم).
مثل: الرغيف، وزائد الطعام المطهي، وبقية الفاكهة ونحو ذلك مما يتسامح فيه الناس، وجرى العرف برضا الزوج في مثله.
ب-ومن العلماء من حمل ذلك على ما إذا أذن الزوج فيه ولو بطريق الإجمال سواء كان الإذن صريحاً أو عرفياً.
ج-ومن العلماء من ذهب إلى أن المراد بنفقة المرأة النفقة على صاحب المال، وليس لها أن تفتئت على رب البيت بالإنفاق على الفقراء.
د-ومنهم من أطلق لها حق التصرف، وإن لم يأذن الزوج، لكن بشرط عدم الإفساد، وفيما تعارف عليه الناس فيما بينهم.
وهذا هو الصحيح.
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟
- يشترط في حصول هذا الأجر للزوجة عدم الإسراف لقوله (غير مفسدة).
- قوله (من طعام بيتها) قال النووي: ونبه بالطعام أيضاً على ذلك، لأنه يُسمح به في العادة بخلاف الدراهم والدنانير في حق أكثر الناس وفي كثير من الأحوال.
- أن للزوجة أجر إذا أنفقت من مال زوجها من غير إسراف ولا تبذير كما أن للزوج أجر.
- أنه إذا عُلم أن الزوج فيه شح، وأنه لا يرضى أبداً التصدق من ماله، لم يجز للزوجة التصدق إلا بإذنه صريحاً.