للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أ-لحديث معاملة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليهود خيبر، فإنها قصة مشهورة لا تقبل الرد ولا التأويل.

عَنْ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- (أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ، أَوْ زَرْعٍ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وفي رواية للبخاري (أعطى النبي -صلى الله عليه وسلم- خيبر اليهود أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها).

فقوله (أن يعملوها) يراد به المساقاة، حيث يطلق أهل المدينة على المساقاة المعاملة.

وقوله (أن يزرعوها) يراد بها المزارعة، فالحديث جمع بين عقدي المساقاة والمزارعة.

ب- ولفعل السلف لها من غير نكير.

قال البخاري: باب الْمُزَارَعَةِ بِالشَّطْرِ وَنَحْوِهِ، وَقَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ قَالَ مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ إِلاَّ يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ. وَزَارَعَ عَلِىٌّ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ وَآلُ أَبِى بَكْرٍ وَآلُ عُمَرَ وَآلُ عَلِىٍّ وَابْنُ سِيرِينَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ كُنْتُ أُشَارِكُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ فِي الزَّرْعِ. وَعَامَلَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى إِنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ فَلَهُ الشَّطْرُ، وَإِنْ جَاءُوا بِالْبَذْرِ فَلَهُمْ كَذَا.

أراد البخاري من إيراد هذه الآثار المعلقة عن الصحابة، بيان أن الصحابة لم يختلفوا في جواز المزارعة، وهي آثار علقها جازماً بها، فتكون صالح للحجة.

القول الثالث: لا تجوز إلا تبعاً للمساقاة.

وها مذهب الشافعية والمالكية بشرط أن يكون البياض تبعاً للأصل وأن يكون البياض الثلث أو أقل.

واستدلوا بجوازها تبعاً للمساقاة بحديث معاملة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل خبير ( … من ثمر أو زرع).

قال النووي: قَوْله: (مِنْ ثَمَر أَوْ زَرْع) يَحْتَجّ بِهِ الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقُوهُ وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ فِي جَوَاز الْمُزَارَعَة تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَة عِنْدهمْ لَا تَجُوز مُنْفَرِدَة، فَتَجُوز تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ، فَيُسَاقِيه عَلَى النَّخْل، وَيُزَارِعهُ عَلَى الْأَرْض كَمَا جَرَى فِي خَيْبَر.

والراجح أنها جائزة.

• ما الجواب عن أحاديث النهي عن المزارعة؟

وأما حديث رافع بن خديج الذي فيه النهي عن المزارعة، فإنه محمول على المزارعة الفاسدة التي دخلها شيء من الغرر والجهالة.

ولذلك قال رافع (كنا نكري الأرض، على أن لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه).

وقال أيضاً (لم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، وأما بشيء معلوم مضمون فلا بأس).

وقال الخطابي في حديث رافع بن خديج في قوله في الإجارة: (في الماذيانات، اقبال الجداول) قال: فقد أعلمك رافع في هذا الحديث، أن المنهي عنه هو المجهول منه دون المعلوم، وأنه كان من عادتهم أن يشترطوا شروطاً فاسدة، وأن يستثنوا من الزرع ما على السواقي والجداول، فيكون خاصاً لرب المال.

أمثلة:

قال: أزارعك على أن لي شرقي الأرض ولك غربيها. لا يصح.

قال: أزارعك على أن لي ما حول الجداول والأنهار ولك ما بعد منها. لا يصح.

فيشترط في المزارعة أن يكون الجزء مشاع، كالثلث والربع والنصف.

فإذا قال للعامل: أعطيك هذه الأرض مزارعة ولك الثلث ولي الثلثان، فإنه يصح.

إن قال: إزرعها ولك بعض الزرع، لا يصح لأنه مجهول.

<<  <  ج: ص:  >  >>