٨٥٦ - وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (مَنِ اِبْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ اَلَّذِي بَاعَهَا، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ اَلْمُبْتَاعُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
===
(مَنِ اِبْتَاعَ) أي: اشترى.
(نَخْلًا) أي: باع أصل النخل.
(بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ) التأبير هو التلقيح، وهو وضع طلع الفحل من النخل بين طلع الإناث.
(اَلْمُبْتَاعُ) أي: المشتري.
• ماذا نستفيد من الحديث؟
نستفيد: أن من اشترى نخلاً بعد التأبير فثمرتها للبائع.
وأنه لو باعها قبل التأبير فثمرتها للمشتري لمفهوم الحديث.
وهذا مذهب جماهير العلماء.
لحديث الباب، فهو صريح بذلك، فهو يدل على أن ثمرة النخل المبيع يكون للبائع بعد التأبير ما لم يشترطه المبتاع.
قال ابن حجر: وقد استدل بمنطوقه على أن من باع نخلاً وعليها ثمرة مؤبرة لم تدخل الثمرة في البيع بل تستمر على ملك البائع، وبمفهومه على أنها إذا كانت غير مؤبرة أنها تدخل في البيع وتكون للمشتري وبذلك قال جمهور العلماء.
وقال القرطبي: وإذا تقرَّر هذا، فظاهر هذا الحديث يقتضي بلفظه: أن الثمرة المأبورة لا تدخل مع أصولها إذا بيعت الأصول إلا بالشرط، ويقتضي دليل خطابه: أن غير المأبورة داخلة في البيع.
وهو مذهب مالك، والشافعي، والليث.
وذهب أبو حنيفة: إلى أن الثمرة للبائع قبل الإبار وبعده.
وقال ابن أبي ليلى: الثمرة للمشتري قبل الإبار وبعده. وهذا القول مخالف للنص الصحيح، فلا يلتفت إليه.
وأما أبو حنيفة فالخلاف معه مبين على القول بدليل الخطاب، فهو ينفيه، وخصمه يثبته. والقول بدليل الخطاب في مثل هذا ظاهر؛ لأنه لو كان حكم غير المؤبر حكم المؤبر لكان تقييده بالشرط لغوًا لا فائدة له. فإن قيل: فائدته التنبيه بالأعلى على الأدنى. قيل له: ليس هذا بصحيح لغة ولا عرفًا، ومن جعل هذا بمنزلة قوله تعالى (فلا تقل لهما أفّ) تعين أن يقال لفهمه: أفّ، وتف. (المفهم)
• ما الحكمة من ذلك؟
الحكمة: لأن البائع عمل في هذه الثمرة عملاً يصلحها، لأن التأبير يصلح الثمرة، فلما عمل فيها عملاً يصلحها، تعلقت بها وصار له تأثير فيها، وبذلك جعلها الشارع له.
• ما الحكم لو اشترط المشتري أن تكون له الثمرة بعد التأبير؟
يصح ذلك.
لقوله (إلا أن يشترط المبتاع).
• هل يجوز للبائع إبقاء الثمرة على رؤوس الشجر إلى وقت الجذاذ؟
قيل: للبائع إبقاؤها إلى الجذاذ.
وهذا مذهب جمهور العلماء.
وقيل: يجب على البائع قطع ثمرته من أصل المبيع في الحال.
وإليه ذهب الحنفية.
• اذكر بعض الفوائد العامة من الحديث؟
١. يلحق بالتمر ما عداه كالعنب، والتين، والبرتقال.
٢. جواز الشروط في البيع، لكن بشرط ألا تخالف الشريعة.
لقوله -صلى الله عليه وسلم- (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط) متفق عليه.
٣. هذا الحكم في هذا الحديث إنما هو لعام واحد، وأما السنوات القادمة فهي للمشتري.