٦٩٤ - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَا صَامَ مَنْ صَامَ اَلْأَبَدَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
٦٩٥ - وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بِلَفْظِ: (لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ).
===
(لَا صَامَ مَنْ صَامَ اَلْأَبَدَ) لفظ الحديث (قال لي رسول الله! يا عبد الله ابن عمرو! إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل، وإنك إذا فعلت ذلك هَجَمت له العين ونهَكتْ، لا صام من صام الأبد).
(لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ) لفظ الحديث مختصراً (قال عمر يا رسول الله! كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر).
(اَلْأَبَدَ) هو الدهر الطويل الذي ليس بمحدود.
• ما معنى (لا صام من صام الأبد)؟
اختلف العلماء في ذلك:
فقيل: هي جملة المقصود بها الدعاء على الصائم زجراً له عن مواصلة الصيام.
وقيل: هذه جملة المراد بها الخبر، والمعنى: لا صام: أي ما أدرك مشقة الصيام لكونه اعتاده، وقيل: لا أجر له لمخالفته الشرع.
• ما معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- (لا صام ولا أفطر)؟
قيل: دعاء.
وقيل: إخبار، والمعنى ما صام وحصل الأجر، بسبب أنه لم يصم بأمر الشرع، ولا أفطر: ولا هو في الحقيقة مع المفطرين يأكل ويشرب.
• ما معنى صيام الدهر؟
المراد بصيام الدهر: سرد الصوم متتابعاً جميع الأيام باستثناء ما نهي عن صومه كأيام العيد وأيام التشريق.
• ما حكم صوم الدهر؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
القول الأول: المنع مطلقاً، إما على وجه التحريم أو على وجه الكراهة ..
التحريم وهو قول ابن حزم، والكراهة هو مذهب الحنفية واختيار ابن قدامة وابن تيمية.
قال ابن قدامة: الذي يقوى عندي أن صوم الدهر مكروه وإن لم يصم هذه الأيام - يعني العيد والتشريق -، فإن صامها قد فعل محرماً، وإنما كره صوم الدهر لما فيه من المشقة والضعف، وشبه التبتل المنهي عنه.
وقال ابن حزم: يحرم صوم الدهر أصلاً.
أ-لأحاديث الباب (لا صام من صام الأبد)، (لا صام ولا أفطر).
قال الحافظ رحمه الله: وَالْمَعْنَى بِالنَّفْيِ أَنَّهُ لَمْ يُحَصِّلْ أَجْرَ الصَّوْمِ لِمُخَالَفَتِهِ.
ب-لحديث أبي موسى مرفوعاً (من صام الدهر ضيقت عليه جهنم). أخرجه أحمد
قال ابن حجر: وظاهره أنه تضيق عليه حصراً لتشديده على نفسه، وحمله عليها، ورغبته عن سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، واعتقاده أن غير سنته أفضل منها، وهذا يقتضي الوعيد الشديد فيكون حراماً.
ج-قوله -صلى الله عليه وسلم- (لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) وهذا وعيد شديد من مخالفة صوم النبي كصيام الدهر كما فعل بعض الصحابة، إذ قال أحدهم (أصوم أبداً).