للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ما حكم من تجاوز هذه المواقيت بلا نية النسك، ثم طرأ عليه نية العزم على النسك؟

فإنه يحرم من حيث أراد النسك.

لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ).

أي: ومن كان منزله دون هذه المواقيت، بأن كان بينها وبين مكة، فميقاته من حيث أنشأ السفر أو أنشأ النية للحج أو العمرة.

• ما حكم من لا يمر بميقات؟

الذي لا يمر بميقات فإنه يحرم إذا حاذى أقرب المواقيت إليه، واعتبار المحاذاة أصل بنى عليه عمر حين قرر ذات عرق ميقاتاً لأهل العراق. (وسيأتي إن شاء الله).

• ما حكم الإحرام قبل الميقات؟

ذهب عامة أهل العلم على أن الإحرام من وراء الميقات صحيح معتد به، وأن من أحرم قبل بلوغ الميقات فإحرامه صحيح، وحكاه ابن المنذر إجماعاً.

والقائلون بأن الإحرام قبل الميقات منعقد اختلفوا هل هو أفضل، أو هو جائز أو مكروه؟

قال ابن بطال في شرح البخاري حكاية عن ابن المنذر بعد حكاية الإجماع المشار إليه ما عبارته:

غير أن طائفة من السلف كرهت ذلك، واستحبه آخرون.

فممن رأى ذلك ابن عمر أحرم من إيلياء، وسئل علي وابن مسعود عن قوله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّه) فقالا: أن تحرم من دويرة أهلك.

وأجاز ذلك علقمة والأسود، وهو قول أبى حنيفة، والثوري، والشافعي.

وكره الإحرام قبل المواقيت عمر بن الخطاب، وأنكر على عمران بن حصين إحرامه من البصرة.

وأنكر عثمان بن عفان على عبد الله بن عامر إحرامه قبل الميقات.

وهو قول عطاء، والحسن، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وقال أحمد: المواقيت أفضل؛ لأنها سنة النبي -عليه السلام-. ا. هـ

والصواب قول من كره الإحرام قبل الميقات، لأنه قول عمر وعثمان رضي الله عنهما، ولموافقته لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يختار إلا الأفضل، وإحرام من أحرم قبل الميقات منعقد لأن من أنكره من الصحابة لم يلزم من فعله بتجديد الإحرام، ولأنه قول عامة العلماء، والذاهبون إلى عدم الصحة قليل من أهل العلم.

قال ابن قدامة مبيناً وجه كراهة الإحرام قبل الميقات: ولنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه أحرموا من الميقات ولا يفعلون إلا الأفضل

قال الشيخ ابن عثيمين: الإحرام قبل هذه المواقيت المكانية مكروه، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقتها، وكون الإنسان يحرم قبل أن يصل إليها فيه شيء من تقدم حدود الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصيام (لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين) يدل على أنه ينبغي لنا أن نتقيد بما وقته الشرع من الحدود الزمانية والمكانية، ولكنه إذا أحرم قبل أن يصل إليها فإن إحرامه ينعقد.

وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها، وهي أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما وقت هذه المواقيت قال (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) فمن كان من أهل نجد فمر بالمدينة فإنه يحرم من (ذو الحليفة) ومن كان من أهل الشام، ومر بالمدينة، فإنه يحرم من (ذو الحليفة) ولا يحل له أن ينتظر حتى يصل إلى ميقات الشام الأصلي على القول الراجح من قولي أهل العلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>