١٥٥٨ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفَجْأَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
===
(وَجَمِيعِ سَخَطِكَ) أي: ما يؤدي إليه، يعني سائر الأسباب الموجبة لذلك.
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
نستفيد استحباب الدهاء بهؤلاء الكلمات الجامعة.
ما معنى (اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ)؟
أي: ذهاب نعمك من غير بدل.
وقوله (نِعْمَتِكَ) مفرد في معنى الجمع، فيعم النعم الظاهرة والباطنة.
والاستعاذة من زوال النعم تتضمن الحفظ عن الوقوع في المعاصي، لأنها تزيلها.
قال الشاعر:
إذا كنت في نعمةٍ فارعها فإن المعاصي تزيل النعم.
وقال الشوكاني: استعاذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من زوال نعمته، لأن ذلك لا يكون إلا عند عدم شكرها، وعدم مراعاة ما تستحقه النعم، وتقتضيه من تأدية ما يجب على صاحبها من الشكر والمواساة، وإخراج ما يجب إخراجه.
فتضمّنت هذه الاستعاذة المباركة التوفيق لشكر النعم، والحفظ من الوقوع في المعاصي؛ لأنها تزيل النعم.
قال اللَّه سبحانه وتعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد).
وقال تعالى (إِنَّ اللَّه لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم).
وقال جلّ شأنه (وما أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير).
ما معنى (وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ)؟
أي: انتقال عافيتك عني بحصول المرض. بدل الصحة، والفقر بدل الغنى.
فمعنى زوال النعمة: ذهابها من غير بدل، إبدال الصحة بالمرض، والغنى بالفقر، فكأنه سأل دوام العافية، وهي السلامة من الآلام والأسقام.
لأن بزوالها تسوء عيشة العبد، فلا يستطيع القيام بأمور دنياه ودينه، وما قد يصاحبه من التسخط وعدم الرضا وغير ذلك.