للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• هل جاحد العارية تقطع يده أم لا؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن جاحد العارية تقطع يده.

وهذا مذهب الحنابلة، واختاره ابن حزم، وابن القيم.

لرواية مسلم (كَانَتِ امْرَأَةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ، وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ الْنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِقَطْعِ يَدِهَا).

وهي صريحة في أن جاحد العارية يجب عليه القطع.

القول الثاني: أن جاحد العارية لا قطع عليه.

وهذا مذهب جمهور العلماء: المالكية، والحنفية، والشافعية، واختاره ابن قدامة.

أ- لحديث جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع) رواه أبو داود.

وجاحد العارية خائن للأمانة فلا قطع عليه.

ب-أن شرط السرقة الأخذ من الحرز وهتكه، وليس في جحد العارية هتك لحرز فلا قطع عليه.

ج-أن جاحد العارية غير السارق في المعنى، لأن السارق يأخذ المال خفية بخلاف الجاحد، فإنه مؤتمن خائن لأمانته، والقطع واجب على السارق لا على الجاحد.

قال ابن قدامة: وَعَنْهُ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ … ، وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (لَا قَطْعَ عَلَى الْخَائِنِ)، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ السَّارِقِ، وَالْجَاحِدُ غَيْرُ سَارِقٍ، وَإِنَّمَا هُوَ خَائِنٌ، فَأَشْبَهَ جَاحِدَ الْوَدِيعة. (المغني).

وأجابوا على رواية: (كانت تستعير المتاع فتجحده) بأجوبة:

أولاً: أن هذه المرأة لم تقطع لجحدها العارية، وإنما قطعت لكونها قد سرقت، ويدل على ذلك أمران:

أ- الروايات الأخرى (أن قريشاً أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت … ).

ب- أن الروايات في قصة المخزومية قد عللت سبب قطعها بالسرقة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم … وقال: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)، فهذا دليل على أن قطعها كان لسرقتها.

ثانياً: أن الرواية التي فيها استعارتها للمتاع، وجحدها له، هذا لأنها كانت معروفة بهذه الصفة فسميت بها في هذه الرواية.

قال القرطبي: يترجح أن يدها قطعت على السرقة لا لأجل جحد العارية من أوجه: أحدها: قوله في آخر الحديث التي ذكرت فيه العارية: (لولا أن فاطمة سرقت) فإن فيه دلالة قاطعة على أن المرأة قطعت في السرقة، إذ لو كان قطعها لأجل الجحد لكان ذكر السرقة لاغياً، ولقال: لو أن فاطمة جحدت العارية ".

• أن رواية (القطع في العارية) ضعيفة. [لكن هذا فيه نظر].

وقال ابن قدامة: وَالْمَرْأَةُ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ إنَّمَا قُطِعَتْ لِسَرِقَتِهَا، لَا بِجَحْدِهَا، أَلَا تَرَى قَوْلَهُ: (إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ)، وَقَوْلَهُ: (وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّدٍ، لَقَطَعْت يَدَهَا)، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ رِوَايَةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، وَذَكَرَتْ الْقِصَّةَ. (المغني).

وجاء في (طرح التثريب).

<<  <  ج: ص:  >  >>