للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• اذكر مقارنة بين ربا النسيئة وربا الفضل:

أولاً: ربا النسيئة ربا جلي وربا الفضل ربا خفي، وربا النسيئة هو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، فكان الدائن يؤخر الدين عن المدين ويزيده عليه، وكلما أخر زاد الدين حتى تصير المائة آلافاً مؤلفة.

ثانياً: ربا النسيئة حرم قصداً لما فيه من الضرر العظيم، وهو إثقال كاهل المدين من غير فائدة تحصل له، وربا الفضل حرم لأنه وسيلة لربا النسيئة كما في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين فإني أخاف عليكم الرما) والرما هو الربا فمنعهم من ربا الفضل لما يخافه عليهم من ربا النسيئة، وذلك إذا باعوا درهما بدرهمين، ولا يفعل هذا إلا للتفاوت بين النوعين إما في الجودة أو غيرها، فإنهم يتدرجون من الربح المعجل إلى الربح المؤخر وهو ربا النسيئة.

ثالثاً: ربا النسيئة مجمع على تحريمه إجماعاً قطعياً، وربا الفضل وقع فيه خلاف ضعيف.

رابعاً: ربا النسيئة لم يبح منه شيء، وربا الفضل أبيح منه ما دعت الحاجة إليه، كذا يقول ابن القيم - رحمه الله - في إعلام الموقعين، قال: لأن ما حرم سدً للذريعة أخف مما حرم تحريم المقاصد.

• هل ذهب أحد إلى جواز ربا الفضل، وما دليلهم؟

ذهب بعض الصحابة كابن عباس وجماعة إلى جواز ربا الفضل.

واستدلوا بحديث أسامة بن زيد. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (لا ربا إلا في النسيئة) متفق عليه.

قال ابن قدامة: وَالرِّبَا عَلَى ضَرْبَيْنِ: رِبَا الْفَضْلِ، وَرِبَا النَّسِيئَةِ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِهِمَا.

وَقَدْ كَانَ فِي رِبَا الْفَضْلِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ؛ فَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- (لَا رِبَا إلَّا فِي النَّسِيئَةِ).

والراجح تحريمه وهو قول جماهير العلماء للأحاديث الصحيحة في ذلك، وقد تقدم ذكرها.

• ما الجواب عن حديث (لا ربا إلا في النسيئة)؟

أجاب جمهور العلماء عن حديث أسامة بأجوبة:

الجواب الأول: أنه منسوخ.

قال النووي: وأما حديث أسامة (لا ربا إلا في النسيئة) فقال قائلون: بأنه منسوخ بهذه الأحاديث، وقد أجمع المسلمون على ترك العمل بظاهره وهذا يدل على نسخه.

وقال الحافظ ابن حجر: اتفق العلماء على صحة حديث أسامة واختلفوا في الجمع بينه وبين حديث أبي سعيد.

فقيل: منسوخ لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال.

وقال الشوكاني: لكن النسخ لا يثبت بالاحتمال.

الجواب الثاني: أنه حديث مجمل والأحاديث التي تمنع ربا الفضل مبينة، فيجب العمل بالمبين وتنزيل المجمل عليه.

الجواب الثالث: أنه رواية صحابي واحد، وروايات منع ربا الفضل عن جماعة من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رووها صريحة عنه -صلى الله عليه وسلم- ناطقة بمنع ربا الفضل، ورواية الجماعة من العدول أقوى وأثبت وأبعد عن الخطأ من رواية الواحد.

الجواب الرابع: أن المعنى في قوله (لا ربا إلا في النسيئة) أي: الربا الأغلظ الشديد التحريم المتوعد عليه بالعقاب الشديد كما تقول العرب: لا عالم في البلد إلا زيد مع أن فيها علماء غيره، وإنما القصد نفي الأكمل لا نفي الأصل. (قاله النووي).

<<  <  ج: ص:  >  >>