• ما حكم تصرف المرأة في مالها من غير علم زوجها؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: الجواز مطلقاً.
وهذا قول جمهور العلماء، من الحنفية، والشافعية، والحنابلة في المذهب، وابن المنذر.
قال في نيل الأوطار: ذهب الجمهور إلى أنه يجوز لها مطلقاً من غير إذن من الزوج إذا لم تكن سفيهة، فإن كانت سفيهة لم يجز، قال في الفتح: وأدلة الجمهور من الكتاب والسنة كثيرة.
أ- لحديث ابن عباس قال (أشهد أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِى الْقُرْطَ وَالْخَاتَمَ، وَبِلَالٌ يَأْخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِ) متفق عليه.
وجه الدلالة: قبِل النبي -صلى الله عليه وسلم- صدقتهن، ولم يسأل عن إذن أزواجهن لهن في الصدقة، فدل على أنه لا يشترط.
ب-وعن مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ - رضى الله عنها - (أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً وَلَمْ تَسْتَأْذِنِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِى يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ قَالَتْ أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي قَالَ «أَوَفَعَلْتِ». قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ «أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِيهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِك) رواه البخاري ومسلم.
وجه الدلالة: أن ميمونة أعتقت ولم تستأذن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يستدرك ذلك عليها، بل أرشدها إلى ما هو أولها.
القول الثاني: أنه لا يجوز إلا بإذنه.
وهذا قول طاوس والليث.
أ- لحديث عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (لا يجوز لامرأة عطية، إلا بإذن زوجها) رواه الترمذي.
قال ابن حجر في الفتح واحتج طاووس، بحديث عمرو بن شعيب (لا تجوز عطية امرأة في مالها إلا بإذن زوجها) أخرجه أبو داود والنسائي قال بن بطال .. وأحاديث الباب أصح.
ب-وبحديث واثلة بن الأسقع. قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ليس لامرأة أن تنتهك من مالها شيئاً إلا بإذن زوجها، إذا ملك عصمتها) (قال في مجمع الزوائد: رواه الطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم).
• بماذا أجاب من قال بالجواز عن أدلة من قال بالمنع؟
أجابوا بعدة أجوبة:
الجواب الأول: ضعف الأحاديث الواردة في منع المرأة من التصرف في مالها، بخلاف أدلتهم التي لا مطعن في ثبوتها ولا دلالتها.
الجواب الثاني: أنه لو فرض أن الأحاديث الواردة في المنع صالح للاستلال، لا يمكن أن تعارض الأدلة المبيحة، لقوتها ثبوتاً ودلالة، والقاعدة أنه إذا تعارض دليلان ولم يمكن الجمع بينهما قدم أقواهما، واجتماع دلالة القرآن والسنة الصحيحة على حق المرأة في التصرف في مالها، لا بقوى على معارضتها أحاديث ضعيفة، أو مختلف في ثبوتها.
الجواب الثالث: حمل أحاديث المنع - لو صحت - على أحد أمرين:
الأمر الأول: أن ذلك محمول الأدب والاختيار، و حسن العشرة واستطابة نفس الزوج، وليس على سبيل التحريم.
الأمر الثاني: حمل المنع على المرأة السفيهة، التي تتصرف في مالها تصرف السفهاء، فتكون محجورا عليها حجر سفه.