وكان الإمام أبو سليمان الداراني يقول: والله لولا قيام الليل ما أحببت الدنيا، ووالله إن أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، وإنه لتمر بالقلب ساعات يرقص فيه طرباً بذكر الله فأقول: إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه من النعيم إنهم لفي نعيم عظيم.
وكانت امرأة حبيب بن محمد الزاهد توقظه بالليل وتقول: ذهب الليل، وبين أيدينا طريق بعيد، وزادنا قليل، وقوافل الصالحين قُدّامنا ونحن قد بقينا، وكانت تقول:
يا راقدَ الليلِ كم ترقدُ … قم يا حبيبي قد دنا الموعدُ
.. وخذ من الليلِ وأوقاتهِ … ورْداً إذا ما هجعَ الرُّقدُ
من نامَ حتى ينقضي ليلهُ … لم يبلغ المنزلَ أو يجهدُ
قل لأولي الألبابِ أهلِ التقى قَنطرةُ العَرْضِ لكم موعدُ
وقال أبو الدرداء: صلوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبور.
وقال أحمد بن حرب: عجبت لمن يعلم أن الجنة تزين فوقَه، والنار تضرم تحته، كيف ينام بينهما.
وكان شداد بن أوس إذا دخل الفراش يتقلب على فراشه لا يأتيه النوم، فيقول: اللهم إن النار أذهبت النوم، فيقوم فيصلي حتى يصبح.
وحين سألت ابنة الربيع بن خثيم أباها: يا أبتاه الناس ينامون ولا أراك تنام؟ قال: يا بنية إن أباكِ يخاف السيئات.
ويروى أن طاووساً جاء في السحر يطلب رجلاً، فقالوا: هو نائم، قال: ما كنت أرى أن أحداً ينام في السحر.
وكان عبد الله بن داود يقول: كان أحدهم إذا بلغ أربعين سنة طوى فراشه، كان لا ينام الليل.
وذكر أن عامراً لما احتضر جعل يبكي، فقيل: ما يبكيك يا عامر؟ قال: ما أبكي جزعاً من الموت ولا حرصاً على الدنيا، ولكني أبكي على ظمأ الهواجر وقيام الشتاء.
وقال محمد بن المنكدر: ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث: قيام الليل، ولقاء الإخوان، والصلاة في جماعة.
وقال الحسن البصري: ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل ونفقة هذا المال، وإن الرجل ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل.
[اذكر بعض أسباب دخول الجنة؟]
أولاً: تقوى الله.
كما قال تعالى (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ).
وقال تعالى (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ).
وقال تعالى (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ).
وقال تعالى (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ).
وقال تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً).
وسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال (تقوى الله وحسن الخلق) رواه الترمذي.
ثانياً: المحافظة على صلاة العصر والفجر.
عن أَبِي مُوسَى. أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ) متفق عليه.
ثالثاً: التلفظ بالشهادتين مع العمل بمقتضاها.