للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٦٨ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

===

(حتى توضع) أي على الأرض، كما جاء في رواية أخرى.

• ما حكم القيام للجنازة إذا مرت؟

اختلف العلماء في القيام للجنازة إذا مرت على أقوال:

القول الأول: أن القيام منسوخ.

وهذا قول جمهور العلماء.

قال الشوكاني: وقال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، أن القيام منسوخ بحديث علي.

أ- لحديث علي قال: (قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قعد) رواه مسلم.

ب- ولحديث عبادة بن الصامت قال (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوم في الجنازة حتى توضع في اللحد، فمر حبر من اليهود فقال: هكذا نفعل، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: اجلسوا خالفوهم) رواه أبو داود، والحديث ضعفه الترمذي والنووي وابن حجر وابن القيم.

القول الثالث: أن القيام مستحب.

وهذا مذهب ابن حزم، واختاره ابن تيمية، وابن القيم.

وقال ابن حزم رحمه الله: نستحب القيام للجنازة إذا رآها المرء - وإن كانت جنازة كافر - حتى توضع أو تخلفه، فإن لم يقم فلا حرج.

أ- لحديث الباب (إذا رأيتم جنازة فقوموا … ).

ب- عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ) رواه مسلم.

ج- عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى قال (أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ وَسَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ كَانَا بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرَّتْ بِهِمَا جَنَازَةٌ فَقَامَا فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ. فَقَالَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ إِنَّهُ يَهُودِيٌّ. فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْساً) متفق عليه.

وهذا القول هو الصحيح: أن أحاديث الأمر تدل على الاستحباب، وأن أحاديث الترك تدل على جواز ترك القيام.

وهذا القول هو الصحيح، وهو أولى من القول بالنسخ لأن فيه جمعاً بين الأدلة.

قال النووي بعد أن اختار هذا القول: هذا هو المختار، فيكون الأمر به للندب، والقعود بياناً للجواز، ولا يصح دعوى النسخ في مثل هذا، لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث ولم يتعذر.

وقال ابن حزم رحمه الله: فكان قعوده -صلى الله عليه وسلم- بعد أمره بالقيام مبيناً أنه أمر ندب، وليس يجوز أن يكون هذا نسخاً; لأنه لا يجوز ترك سنة متيقنة إلا بيقين نسخ، والنسخ لا يكون إلا بالنهي، أو بتركٍ معه نهي؟

وقال ابن القيم: قيل: منسوخ والقعود آخر الأمرين، وقيل: بل الأمران جائزان، وفعله بياناً للاستحباب، وتركه بياناً للجواز، وهذا أولى من ادعاء النسخ.

• ما الجواب عن دليل من قال بالنسخ؟

الجواب من وجوه:

أولاً: أن من شرط النسخ عدم إمكان الجمع بين الدليلين، وليس الأمر كذلك ههنا، فإن تركه -صلى الله عليه وسلم- للقيام بعد أمره به دليل على أن الأمر الأول للندب وليس للوجوب، وبه تجتمع الأدلة دون حاجة للقول بالنسخ.

ثانياً: أن أحاديث الأمر بالقيام لفظ صريح، وهذه الأحاديث حكاية فعل لا عموم له، وليس فيها لفظ عام يحتج به على النسخ، وغاية ما فيها أنه (قام وقعد) وهو فعل محتمل لا يقوى على تأييد دعوى النسخ.

• ما الحكمة من القيام؟

جاء في رواية (إن الموت فزع، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا)، فالقيام للجنازة تعظيم لله عز وجل.

ويدل لذلك حديث البراء الطويل: ( … جلس النبي -صلى الله عليه وسلم- وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير ولما يلحد … ) رواه أبو داود، وهو حديث صحيح.

• إلى متى يستمر قيام الناس؟

جاء في رواية (حتى توضع على الأرض).

<<  <  ج: ص:  >  >>