٨٠٢ - وَعَنْهُ قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ
وَلِأَبِي دَاوُدَ: (مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوَكَسُهُمَا، أَوْ اَلرِّبَا).
===
(فَلَهُ أَوَكَسُهُمَا) الوكْس النقص.
• اذكر معنى (نهى عن بيعتين في بيعة)؟
اختلف العلماء في معنى ذلك على أقوال:
القول الأول: أن يقول البائع أبيعك هذه السلعة نقداً بعشرة، ونسيئة بأحد عشرة، ويعقدان العقد من غير تحديد لأحد الثمنين.
وقد قال بهذا القول ابن مسعود، وهو قول الحنفية والمالكية. واستدلوا:
أ- أنه هذا التفسير مما لا يختلف فيه الناس.
ب-أن هذا التفسير يصدق عليه أنه بيعتين في بيعة، لأن هناك بيعاً بثمن مؤجل وبيعاً بثمن معجل، ولم يحددا أحد البيعتين، كما أنه يصدق على أن من فعل ذلك فله أوكسهما أو الربا.
القول الثاني: أن (بيعتين في بيعة) يراد به: اشتراط عقد في عقد، كأن يقول له: لا أبيعك هذه السلعة حتى تؤجرني بيتك.
وقال بهذا الحنابلة.
القول الثالث: أن المراد بـ (بيعتين في بيعة) بيع العينة، وهو أن يبيع الشيء نسيئة ثم يشتريه بأقل من الثمن الذي باعه به نقداً (عاجلاً).
وقال بهذا القول ابن تيمية، وابن القيم.
ووجه القول: أن البائع جمع بين بيعتين في بيعة واحدة، وذلك لأنه باع السلعة، ثم اشتراها، وقصده من ذلك بيع دراهم بدراهم، بزيادة مقابل النسيئة، فليس له في هذه الحال إلا الأوكس (الأقل) أو فإنه سيقع في الربا.
وهذا القول هو الراجح.
• فائدة: إذا قال البائع: هذه السيارة بخمسين ألف نقداً، وستين ألف بالتقسيط.
فهذه المسألة لها صورتان:
الأولى: أن يتفرق البائع والمشتري وقد اتفقا على ثمن منهما وطريقة السداد. فالبيع جائز.
الثانية: أن يتفرقا من غير اتفاق على الثمن، فهذا البيع محرم ولا يصح.
قالَ البغوي رحمه الله فِي شَرْحِ السُّنَّةِ -عن هذه الصورة الثانية-: هُوَ فَاسِدٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ لأَنَّهُ لا يُدْرَى أَيُّهُمَا جُعِلَ الثَّمَنَ.
وبهذا فَسَّر كثيرٌ من العلماء نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة.
وروى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ. صححه الألباني صحيح الترمذي.
قال الترمذي: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ فَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالُوا: بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ أَنْ يَقُولَ: أَبِيعُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِنَقْدٍ بِعَشَرَةٍ وَبِنَسِيئَةٍ بِعِشْرِينَ، وَلا يُفَارِقُهُ عَلَى أَحَدِ الْبَيْعَيْنِ، فَإِذَا فَارَقَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا بَأْسَ، إِذَا كَانَتْ الْعُقْدَةُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا.
وقال النسائي في السنن: بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَبِيعُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَقْدًا وَبِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً.
وَقَالَ الشوكاني فِي نيْلِ الأوطار: وَالْعِلَّةُ فِي تَحْرِيمِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ عَدَمُ اِسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ فِي صُورَةِ بَيْعِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِثَمَنَيْنِ.