ماذا نستفيد من قوله (وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ).
نستفيد استحباب التبسم وطلاقة الوجه عند اللقاء.
وفي الحديث (تبسمك في وجه أخيك صدقة).
الابتسامة في الوجوه أسرع طريق إلى القلوب، وأقرب باب إلى النفوس، وهي من الخصال المتفق على استحسانها وامتداح صاحبها، وقد فطر الله الخَلْقَ على محبة صاحب الوجه المشرق البسَّام، وكان نبينا صلى -صلى الله عليه وسلم- أكثر الناس تبسُّمًا، وطلاقة وجهٍ في لقاء من يلقاه، وكانت البسمة إحدى صفاته التي تحلّى بها، حتى صارت عنواناً له وعلامةً عليه، وكان لا يُفَرِّق في حُسْن لقائه وبشاشته بين الغنيّ والفقير، والأسود والأبيض، حتى الأطفال كان يبتسم في وجوههم ويُحسِن لقاءهم، يعرف ذلك كل من صاحبه وخالطه.
كما قال عبد الله بن الحارث رضي الله عنه (ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رواه الترمذي.
وعن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- قال (ما حجبني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذُ أسلمتُ، ولا رآني إلا تبسمَ في وجهي).
وتصف عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول (كان ألين الناس، وأكرم الناس، وكان رجلاً من رجالكم إلا أنه كان ضحاكًا بسّاماً).
وعن أبي ذر. قال: قال -صلى الله عليه وسلم- تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة) رواه الترمذي.
قال المناوي: بسُّمك في وجه أخيك) أي في الإسلام، (لك صدقة) يعني: إظهارك له البَشَاشَة، والبِشْر إذا لقيته، تؤجر عليه كما تؤجر على الصَّدقة
وقال ابن بطَّال: " فيه أنَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النُّبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة "
ومما ثبت أيضا في استحباب البشاشة وطلاقة الوجه عند اللقاء:
قوله -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّكُمْ لا تَسَعون النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْط الْوَجْه، وَحُسْنُ الْخُلُق) رواه البيهقي في الشعب.
وعن جابر بن سليم الْهُجَيْمِىُّ -رضي الله عنه- (قال: قلت يا رسول الله إِنَّا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَة، فَعَلِّمْنَا شَيْئاً يَنْفَعُنَا الله ـ تبارك وتعالى ـ بِه، قال: لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوف شَيْئاً وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إناء الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُكَلِّمَ أَخَاك ووجْهُك إليه مُنْبَسِط) رواه ابن حبان.
قال الإمام ابن عيينة: والبشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هين: وجه طليق وكلام لين.
عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: (مكتوب في الحكمة: ليكن وجهك بسطًا، وكلمتك طيبة، تكن أحبَّ إلى النَّاس من الذي يعطيهم العطاء.
- قال عبد الله بن المبارك: حسن الخلق: طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكفُّ الأذى.
قال ابن القيّم: طلاقة الوجه والبِشْر المحمود وسط بين التَّعبيس والتَّقطيب، وتصعير (٤) الخدِّ، وطيِّ البِشْر عن البَشَر، وبين الاسترسال مع كلِّ أحد بحيث يذهب الهيبة، ويزيل الوقار، ويطمع في الجانب، كما أنَّ الانحراف الأوَّل يوقع الوحشة، والبغضة، والنُّفرة في قلوب الخَلْق، وصاحب الخُلُق الوسط: مهيب محبوب، عزيز جانبه، حبيب لقاؤه. وفي صفة نبيِّنا: من رآه بديه هابه، ومن خالطه عشرة أحبَّه.