١٣٤ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ - عز وجل - (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ) قَالَ: إِذَا كَانَتْ بِالرَّجُلِ اَلْجِرَاحَةُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ وَالْقُرُوحُ، فَيُجْنِبُ، فَيَخَافُ أَنْ يَمُوتَ إِنْ اِغْتَسَلَ: تَيَمَّم) رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ مَوْقُوفًا، وَرَفَعَهُ اَلْبَزَّارُ، وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِم.
===
(الجراحة) الجرح هو الشق في البدن.
(القروح) جمع قرح، هي الجروح والشقوق من أثر السلاح.
(يخاف أن يموت) وهذا ليس بشرط، بل لو خاف أن يزيد المرض، أو يتأخر الشفاء، أو يطول عليه المرض، فإنه يجوز له التيمم.
• ماذا نستفيد من هذا الأثر؟
نستفيد: أنه إذا كان الإنسان مريضاً، ويخشى باستعمال الماء الضرر، فإنه يتيمم.
وتفسير ابن عباس للآية بأن من به قروح، مثال للضرر المبيح للتيمم وإلا فكل مريض يضره استعمال الماء فله التيمم.
تفسير ابن عباس للآية ليس على سبيل الحصر بل هو على سبيل التمثيل، ويدل لذلك:
قوله (في سبيل الله) والجراحة التي تبيح التيمم سواء في سبيل الله أو في غير سبيل الله.
فمن أسباب التيمم: الخوف من استعمال الماء بمرض في بدنه من جرح أو قرح.
وهذا قول أكثر العلماء، بل حكاه بعضهم إجماعاً.
ويدل لذلك أيضاً قوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم).
قال النووي رحمه الله: المرض ثلاثة أضرب:
أحدها: مرض يسير لا يخاف من استعمال الماء معه تلفاً ولا مرضاً مخوفاً ولا إبطاء برء ولا زيادة ألم ولا شيئاً فاحشاً، وذلك كصداع ووجع ضرس وحمى وشبهها، فهذا لا يجوز له التيمم بلا خلاف عندنا، وبه قال العلماء كافة إلا ما حكاه أصحابنا عن أهل الظاهر وبعض أصحاب مالك: أنهم جوزوه للآية ..
الضرب الثاني: مرض يخاف معه من استعمال الماء تلف النفس أو عضو، أو حدوث مرض يخاف منه تلف النفس أو عضو أو فوات منفعة عضو، فهذا يجوز له التيمم مع وجود الماء ..
الضرب الثالث: أن يخاف إبطاء البرء، أو زيادة المرض، وهي كثرة الألم، وإن لم تطل مدته أو شدة الضنى، وهو الداء الذي يخامر صاحبه، وكلما ظن أنه برئ نكس .. فالصحيح جواز التيمم ولا إعادة عليه، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وداود وأكثر العلماء لظاهر الآية وعموم البلوى. (شرح المهذب).
وجاء في فتاوى (اللجنة الدائمة) من به جروح أو قروح أو كسر أو مرض يضره منه استعمال الماء فأجنب جاز له التيمم، وإن أمكنه غسل الصحيح من جسده وجب عليه ذلك وتيمم للباقي.