للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٦٢ - عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ) أَخْرَجَهُ اَلْبُخَارِي.

===

ما معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- (كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ)؟

أي: كل شيء عُرف شرعاً بأنه من أعمال البر، فله حكم الصدقة بالمال في الثواب، فلا ينبغي أن يحتقر الإنسان شيئاً من المعروف، ولا أن يبخل به.

قال ابن بطال: دل هذا الحديث على أن كل شيء يفعله المرء، أو يقوله من الخير، يكتب له به صدقة.

وقال الصنعاني: وَالإِخْبَارُ بِأَنَّهُ صَدَقَةٌ مِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ، وَهُوَ إخْبَارٌ بِأَنَّ لَهُ حُكْمَ الصَّدَقَةِ فِي الثَّوَابِ، وَأَنَّهُ لا يَحْتَقِرُ الْفَاعِلُ شَيْئاً مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَلا يَبْخَلُ بِهِ.

وقد أخرجه الدارقطني والحاكم من طريق عبد الحميد بن الحسن الهلالي عن ابن المنكدر مثله وزاد في آخره (وما أنفق الرجل على أهله كتب له به صدقة، وما وقى به المرء عرضه فهو صدقة).

وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " من طريق محمد بن المنكدر عن أبيه كالأول وزاد (ومن المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وأن تلقي من دلوك في إناء أخيك).

وقد جاء في الحديث (بكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، … ).

[هل الصدقة مقتصرة على المال؟]

لا.

قال ابن رجب: في شرح قوله -صلى الله عليه وسلم- (أوليسَ قد جعلَ اللهُ لَكُمْ ما تَصَّدَّقُونَ؟ إنَّ بكُلِّ تَسبيحةٍ صَدقةً، وكُلِّ تَكبيرةٍ صَدقَةً، وكُلِّ تَحْمِيدةٍ صَدقةً، وكُلِّ تَهْليلَةٍ صدقةً، وأمْرٌ بِالمَعْروفِ صَدقَةٌ، ونَهْيٌ عَنْ مُنكَرٍ صَدقَةٌ).

معنى هذا أنَّ الفقراء ظنُّوا أنْ لا صدقةَ إلاَّ بالمال، وهم عاجزون عن ذلك، فأخبرهُم النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ جميعَ أنواع فعلِ المعروف والإحسّان صدقة. وفي صحيح مسلم عن حذيفة، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال (كلُّ معروفٍ صدقةٌ) وخرَّجه البخاري من حديث جابرٍ، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فالصدقة تُطلق على جميع أنواع فعل المعروف والإحسّان.

والصدقة بغير المال نوعان:

أحدهما: ما فيه تعدية الإحسّان إلى الخلق، فيكون صدقةً عليهم، وربما كان أفضلَ من الصدقة بالمال، وهذا كالأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، فإنَّه دُعاءٌ إلى طاعة الله، وكفٌّ عن معاصيه، وذلك خيرٌ من النَّفع بالمال، وكذلك تعليمُ العلم النافع، وإقراءُ القرآن، وإزالةُ الأذى عن الطريق، والسعيُ في جلب المنافع للناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>