١٣٩٢ - وَعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ (كَيْفَ تُقَدَّسُ أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْ شَدِيدِهِمْ لِضَعِيفِهِمْ). رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ
١٣٩٣ - وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ عِنْدَ البَزَّارِ.
١٣٩٤ - وَآخَرُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَه.
===
(كَيْفَ تُقَدَّسُ) بضم التاء وفتح القاف وتشديد الدال، أي: كيف تُطَهّر أمة وتنزه من الذنوب لا يُنتصف لضعيفها من قويها.
[ما صحة حديث الباب؟]
صحيح لشواهده.
[ماذا نستفيد من الحديث؟]
نستفيد وجوب نصرة المظلوم حتى يؤخذ حقه من القوي.
عن أنس قال: قال -صلى الله عليه وسلم- (انْصُرْ أخَاكَ ظَالماً أَوْ مَظْلُوماً) فَقَالَ رجل: يَا رَسُول اللهِ، أنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُوماً، أرَأيْتَ إنْ كَانَ ظَالِماً كَيْفَ أنْصُرُهُ؟ قَالَ: تحْجُزُهُ - أَوْ تمْنَعُهُ - مِنَ الظُلْمِ فَإِنَّ ذلِكَ نَصرُه) رواه البخاري.
وفي حديث البراء قَالَ (أمَرَنَا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بعِيَادَةِ الْمَريضِ، وَاتِّبَاعِ الجَنَازَةِ، وَنَصْرِ المَظْلُومِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
وماذا نستفيد أيضاً؟
نستفيد أيضاً: عاقبة الظلم وخاصة ظلم الغني للفقير.
ففي هذا الحديث: ينفي فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- القداسة والطهارة عن الأمة التي تتسامح مع الظالم، ولا تنتصر للضعيف، وأن الأمة التي تنتصر للضعيف وتأخذ الحق له يُثنَي عليها ولو لم تكن مسلمة، ولهذا قال ابن تيمية: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة.
وقال ابن عثيمين: فالمظلوم يستجيب الله دعاءه حتى ولو كان كافراً، فلو كان كافراً وظُلِم ودعا على من ظلمه أجاب الله دعاءه، لأن الله حكم عدل ـ عز وجل ـ، يأخذ بالإنصاف والعدل لمن كان مظلوماً ولو كان كافراً، فكيف إذا كان مسلماً؟! "
لقد بين لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في مواقف وأحاديث كثيرة: أن الظلم عاقبته وخيمة، وأن الله ـ عز وجل ـ يأخذ من الظالم للمظلوم حقه يوم القيامة، فلا يدخل أحدٌ الجنة ولأحدٍ من أهل النار عنده مظلمة، ولا يدخل أحدٌ النار ولأحدٍ من أهل الجنة عنده مظلمة، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء). وقال -صلى الله عليه وسلم- (من كانت عنده مَظْلَمَةٌ لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه).
والسيرة النبوية مليئة بالأحاديث والمواقف التي حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- ـ من خلالها على بيان خطورة الظلم، فلا قوة ولا أمان لأمة وهي ظالمة، ولا علو لمجتمع بغير العدل.