القول الثاني: أن وقت الزوال وقت نهي مطلقاً يوم الجمعة كغيره.
وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد، وعزاه ابن حجر للجمهور.
أ-لحديث عُقْبَة بْن عَامِر قال (ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّي فِيهِنَّ، وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ اَلشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ اَلظَّهِيرَةِ حَتَّى تَزُولَ اَلشَّمْسُ … ).
ب- وَلحديث عمرو بن عَبَسة قال (قلت يا رسول الله! أَخْبِرْنِي عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ: صَلِّ صَلَاةَ الصُّبْحِ
ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّىَ الْعَصْرَ ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ) رواه مسلم.
وجه الدلالة من الحديثين: أن وقت الزوال معدود في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، ولم يفرق بين يوم وآخر.
وهذا القول هو الصحيح.
• هل تصلى صلاة الاستخارة في وقت النهي؟
اختلف العلماء في صلاة الاستخارة هل تعتبر من ذوات الأسباب أم لا؟
والصواب في هذا: أن الاستخارة إذا كانت لأمر يفوت بحيث لا يمكن من تأجيل الصلاة فإنها تصلى في وقت النهي، كما لو عرض له السفر بعد صلاة العصر، وأما إن كانت لأمر لا يفوت بحيث يمكن تأجيل الصلاة إلى ما بعد انتهاء وقت النهي فإنها لا تصلى في وقت النهي.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (٥/ ٣٤٥):
وتقضى السنن الراتبة، ويفعل ما له سبب في أوقات النهي، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، واختيار جماعة من أصحابنا وغيرهم، ويصلي صلاة الاستخارة وقت النهي في أمر يفوت بالتأخير إلى وقت الإباحة
ويستحب أن يصلي ركعتين عقب الوضوء ولو كان وقت النهي، وقاله الشافعية " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يصلي الإنسان صلاة الاستخارة في وقت النهي؟
فأجاب: صلاة الاستخارة إن كانت لأمر مستعجل لا يتأخر حتى يزول النهي فإنها تفعل، وإن كانت لسبب يمكن أن يتأخر فإنه يجب أن تؤخر .... (فتاوى ابن عثيمين: ١٤/ ٢٧٥).
فائدة: عن سعيد بن المسيب (أنه رأى رجلاً يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثر فيها الركوع والسجود فنهاه فقال: يا أبا محمد، يعذبني الله على الصلاة، قال: لا، ولكن يعذبك على خلاف السنة) رواه الدارقطني.