قال الْخَطَّابِيُّ: هَذَا التَّرْتِيب إِذَا تَأَمَّلْته عَلِمْت أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قَدَّمَ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى وَالْأَقْرَب فَالْأَقْرَب ". نقله عنه في " عون المعبود".
وقال النووي: " إذا اجتمع على الشخص الواحد محتاجون ممن تلزمه نفقتهم، نظرَ: إن وفَّى ماله أو كسبه بنفقتهم فعليه نفقة الجميع قريبهم وبعيدهم، وإن لم يفضل عن كفاية نفسه إلا نفقة واحد، قدَّم نفقة الزوجة على نفقة الأقارب … لأن نفقتها آكد، فإنها لا تسقط بمضي الزمان، ولا بالإعسار. انتهى "روضة الطالبين".
قال المرداوي: " الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: وُجُوبُ نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوَا، وَأَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا بِالْمَعْرُوفِ … إذَا فَضَلَ عَنْ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ.
قال الشوكاني: وقد انعقد الإجماع على وجوب نفقة الزوجة، ثم إذا فضل عن ذلك شيء فعلى ذوي قرابته.
فلم يختلف العلماء في تقديم الزوجة على الوالدين في النفقة، وإنما اختلفوا في الزوجة والولد أيهما يقدم؟
قال الشيخ ابن عثيمين: فالصواب أنه يبدأ بنفسه، ثم بالزوجة، ثم بالولد، ثم بالوالدين، ثم بقية الأقارب.
وجاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته: إذا تعدد مستحقو النفقة ولم يكن لهم إلا قريب واحد، فإن استطاع أن ينفق عليهم جميعاً وجب عليه الإنفاق، وإن لم يستطع بدأ بنفسه ثم بولده الصغير أو الأنثى أو العاجز، ثم بزوجته، وقال الحنابلة: تقدم الزوجة على الولد.
وبناء على ما سبق فالواجب على الزوج أن يبدأ بكفاية زوجته وأولاده من النفقة الواجبة عليه بالمعروف، فإن بقي معه بعد ذلك شيء من المال فالواجب عليه أن ينفقه على والديه.
ثالثاً: أَنَّ الْحُقُوق وَالْفَضَائِل إِذَا تَزَاحَمَتْ قُدِّمَ الْأَوْكَد فَالْأَوْكَد.
رابعاً: أَنَّ الْأَفْضَل فِي صَدَقَة التَّطَوُّع أَنْ يُنَوِّعهَا فِي جِهَات الْخَيْر وَوُجُوه الْبِرّ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَة، وَلَا يَنْحَصِر فِي جِهَة بِعَيْنِهَا.
خامساً: الحكمة من وتسمية النبي -صلى الله عليه وسلم- النفقة على الأهل صدقة مع أنها واجبة.
قَالَ الْمُهَلَّب: النَّفَقَة عَلَى الْأَهْل وَاجِبَة بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا الشَّارِع صَدَقَة خَشْيَة أَنْ يَظُنُّوا أَنَّ قِيَامهمْ بِالْوَاجِبِ لَا أَجْر لَهُمْ فِيهِ، وَقَدْ عَرَفُوا مَا فِي الصَّدَقَة مِنْ الْأَجْر فَعَرَّفَهُمْ أَنَّهَا لَهُمْ صَدَقَة، حَتَّى لَا يُخْرِجُوهَا إِلَى غَيْر الْأَهْل إِلَّا بَعْد أَنْ يَكْفُوهُمْ; تَرْغِيبًا لَهُمْ فِي تَقْدِيم الصَّدَقَة الْوَاجِبَة قَبْل صَدَقَة التَّطَوُّع. نقله عنه في " فتح الباري.