فائدة: قال في الفتح: ووقع للبخاري ومسلم، من طريق يزيد التميمي عن علي قال: ما عندنا شيء نقرأه إلا كتاب الله، وهذه الصحيفة، فإذا فيها: المدينة حرم … الحديث، ولمسلم عن أبي الطفيل عن علي: ما خصنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشيء، لم يعم به الناس كافة، إلا ما في قراب سيفي هذا، وأخرج صحيفة مكتوبة فيها: لعن الله من ذبح لغير الله … الحديث، وللنسائي من طريق الأشتر وغيره عن علي: فإذا فيها المؤمنون تكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم … ، الحديث، ولأحمد من طريق طارق بن شهاب: فيها فرائض الصدقة، والجمع بين هذه الأحاديث، أن الصحيفة كانت واحدة، وكان جميع ذلك مكتوباً فيها، فنقل كل واحد من الرواة عنه ما حفظه.
(فَأَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ) بكسر القاف، وتخفيف الراء: هو وعاء يكون فيه السيف بغِمْده، وحمائله.
(اَلْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ) أي: تتساوى دماؤهم فِي القصاص، والديات، والكفء: النظير، والمساوي، ومنه الكفاءة فِي النكاح، والمراد أنه لا فرق بين الشريف والوضيع فِي الدم، بخلاف ما كَانَ عليه الجاهليّة، منْ المفاضلة، وعدم المساواة. (نيل الأوطار).
وقد ترجم النسائي على هذا الحديث: باب القود بين الأحرار والمماليك في النفس، فقد أخذ من النسائي - رحمه الله - من قوله (اَلْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ) أن الحرّ يُقتل بالعبد؛ لمساواة الدماء.
(وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ) الذمّة، والذّمام: بمعنى: العهد، والأمان، والضمان، والحرمة، والحق: أي إذا أعطى أحدٌ لجيش العدوّ أمانًا جاز ذلك عَلَى جميع المسلمين، وليس لهم أن يُخْفِرُوه، ولا أن ينقضوا عليه عهده. انتهى.
قَالَ الشوكانيّ: يعني أنه إذا أمن المسلم حربيّا، كَانَ أمانه أمانًا منْ جميع المسلمين، ولو كَانَ ذلك المسلم امرأةً، بشرط أن يكون مكلّفًا، فيحرم النكث منْ أحدهم بعد أمانه.