وقال شيخ الإسلام رحمه الله: من النَّاسِ مَنْ يُؤَوِّلُ "اللَّامِسَ" بِطَالِبِ الْمَالِ؛ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ. لَكِنَّ لَفْظَ " اللَّامِسِ "قَدْ يُرَادُ بِهِ مَنْ مَسَّهَا بِيَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا؛ فَإِنَّ مِنْ النِّسَاءِ مَنْ يَكُونُ فِيهَا تَبَرُّجٌ، وَإِذَا نَظَرَ إلَيْهَا رَجُلٌ أَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا: لَمْ تَنْفِرْ عَنْهُ، وَلَا تُمَكِّنُهُ مِنْ وَطْئِهَا. وَمِثْلُ هَذِهِ نِكَاحُهَا مَكْرُوهٌ؛ وَلِهَذَا أَمَرَهُ بِفِرَاقِهَا وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يُحِبُّهَا؛ فَإِنَّ هَذِهِ لَمْ تَزْنِ، وَلَكِنَّهَا مُذْنِبَةٌ بِبَعْضِ الْمُقَدِّمَاتِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ: فَجَعَلَ اللَّمْسَ بِالْيَدِ فَقَطْ، وَلَفْظُ " اللَّمْسِ وَالْمُلَامَسَةِ " إذَا عُنِيَ بِهِمَا الْجِمَاعُ، لَا يُخَصُّ بِالْيَدِ؛ بَلْ إذَا قُرِنَ بِالْيَدِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِم).
وقال الصنعاني: القول بأَنَّ مَعْنَاهُ الْفُجُورُ فِي غَايَةٍ مِنْ الْبُعْدِ بَلْ لَا يَصِحُّ لقَوْله تَعَالَى (وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
وَلِأَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- لَا يَأْمُرُ الرَّجُلَ أَنْ يَكُونَ دَيُّوثًا … فَالْأَقْرَبُ الْمُرَادُ أَنَّهَا سَهْلَةُ الْأَخْلَاقِ، لَيْسَ فِيهَا نُفُورٌ وَحِشْمَةٌ عَنْ الْأَجَانِبِ، لَا أَنَّهَا تَأْتِي الْفَاحِشَةَ، وَكَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، مَعَ الْبُعْدِ مِنْ الْفَاحِشَةِ، وَلَوْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا عَنْ الْوِقَاعِ مِنْ الْأَجَانِبِ: لَكَانَ قَاذِفًا لَهَا. (سبل السلام).
قال ابن تيمية: وَقَدْ احْتَجُّوا [أي القائلون بجواز نكاح الزانية] بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ: (إنَّ امْرَأَتِي لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ. فَقَالَ طَلِّقْهَا. فَقَالَ: إنِّي أُحِبُّهَا. قَالَ: فَاسْتَمْتِعْ بِهَا) الْحَدِيثُ. رَوَاهُ النَّسَائِي وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ فَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ فِي مُعَارَضَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا.
فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُؤَوِّلُ " اللَّامِسَ " بِطَالِبِ الْمَالِ؛ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ. لَكِنَّ لَفْظَ (اللَّامِسِ) قَدْ يُرَادُ بِهِ مَنْ مَسَّهَا بِيَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فَإِنَّ مِنْ النِّسَاءِ مَنْ يَكُونُ فِيهَا تَبَرُّجٌ وَإِذَا نَظَرَ إلَيْهَا رَجُلٌ أَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لَمْ تَنْفِرْ عَنْهُ. وَلَا تُمَكِّنُهُ مِنْ وَطْئِهَا. وَمِثْلُ هَذِهِ نِكَاحُهَا مَكْرُوهٌ؛ وَلِهَذَا أَمَرَهُ بِفِرَاقِهَا وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يُحِبُّهَا؛ فَإِنَّ هَذِهِ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنَّهَا مُذْنِبَةٌ بِبَعْضِ الْمُقَدِّمَاتِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ: فَجَعَلَ اللَّمْسَ بِالْيَدِ فَقَطْ وَلَفْظُ (اللَّمْسِ وَالْمُلَامَسَةِ) إذَا عُنِيَ بِهِمَا الْجِمَاعُ لَا يُخَصُّ بِالْيَدِ بَلْ إذَا قُرِنَ بِالْيَدِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ). الفتاوى/ ٣٢
وقال ابن القيم: سأله -صلى الله عليه وسلم- آخر فقال: إن امرأتي لا ترد يد لامس؟ قال: غيرها إن شئت؛ وفي لفظ: طلقها، قال: إني أخاف أن تتبعها نفسي؟ قال: فاستمتع بها.
فعورض بهذا الحديث المتشابه الأحاديث المحكمة الصريحه في المنع من تزويج البغايا.
واختلفت مسالك المحرمين لذلك فيه:
فقالت طائفة: المراد باللامس ملتمس الصدقة لا ملتمس الفاحشة.
وقالت طائفة: بل هذا في الدوام غير مؤثر وإنما المانع ورود العقد على زانية فهذا هو الحرام.
وقالت طائفة: بل هذا من التزام أخف المفسدتين لدفع أعلاهما، فإنه لما أمر بمفارقتها خاف أن لا يصبر عنها فيواقعها حراماً فأمره حينئذ بإمساكها إذ مواقعتها بعد عقد النكاح أقل فساداً من مواقعتها بالسفاح.
وقالت طائفة: بل الحديث ضعيف لا يثبت.
وقالت طائفة: ليس في الحديث ما يدل على أنها زانية وإنما فيه أنها لا تمتنع ممن لمسها، أو وضع يده عليها أو نحو ذلك، فهي تعطى الليان لذلك ولا يلزم أن تعطيه الفاحشة الكبرى، ولكن هذا لا يؤمن معه إجابتها لداعي الفاحشة فأمره بفراقها تركاً لما يريبه إلى ما لا يريبه، فلما أخبره بأن نفسه تتبعها وأنه لا صبر له عنها رأى مصلحة إمساكها أرجح من مفارقتها لما يكره من عدم انقباضها عمن يلمسها، فأمره بإمساكها وهذا لعله أرجح المسالك والله اعلم. (اعلام الموقعين).