قال الذهبي -رحمه الله- تعليقًا على هذا الخبر: " قلت: ما أحسن الصدق، واليوم تسأل الفقيه الغبي لمن طلبت العلم؟ فيبادر ويقول: طلبته لله، ويكذب إنَّما طلبه للدنيا، ويا قلة ما عرف منه.
وقال عبد الله بن المعتز: علم المنافق في قوله، وعلم المؤمن في عمله.
قال عمر بن الخطاب: من خلصت نيته في الحق، ولو على نفسه، كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين بما ليس فيه شانه الله.
وكان من دعاء عمر: اللهم اجعل عملي كله صالحاً واجعله لوجهك خالصاً ولا تجعل لأحد فيه شيئاً.
وقال ابن القيم: العمل لأجل الناس وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم، ورجائهم للضر والنفع منهم: لا يكون من عارف بهم البتة، بل جاهل بشأنهم، وجاهل بربه، فمن عرف الناس أنزلهم منازلهم، ومن عرف الله أخلص له أعماله وأقواله.
وقال: إن كل من أعرض عن شيء من الحق وجحده، وقع في باطل مُقابل لما أعرض عنه من الحق وجحده، حتى في الأعمال، من رغب عن العمل لوجه الله وحده ابتلاه الله بالعمل لوجوه الخلق، فرغب عن العمل لمن ضَره ونفعه وموته وحياته وسعادته بيده، فابتليَ بالعمل لمن لا يملك له شيئاً من ذلك.
وكذلك من رغب عن إنفاق ماله في طاعة الله ابتُليَ بإنفاقه لغير الله وهو راغم.
وقال: الوقوف عند مدح الناس وذمهم: علامة انقطاع القلب وخلوه من الله وأنه لم تباشره روح محبته ومعرفته ولم يذق حلاوة التعلق به والطمأنينة إليه.
ما حكم العمل إذا خالطه الرياء؟
العبادة إذا اتصل بها الرياء لها أحوال:
أ-أن يكون الباعث على العبادة مراعاة الناس من الأصل، فهذا مبطل للعبادة.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) رواه مسلم.
ب- أن يكون مشاركاً للعبادة في أثنائها، بمعنى: أن يكون الحامل له في أمره الإخلاص لله، ثم طرأ الرياء في أثناء العبادة، فهذه العبادة لا تخلو من حالات:
الحالة الأولى: أن لا يرتبط أول العبادة بآخرها، فأولها صحيح بكل حال، وآخرها باطل، مثاله: رجل عنده مائة ريال، يريد أن يتصدق بها، فتصدق بخمسين منها صدقة خالصة ثم طرأ عليه الرياء في الخمسين الباقي، فالأولى صدقة صحيحة مقبولة، والخمسون الثانية صدقة باطلة لاختلاط الرياء فيها بالإخلاص.
الحالة الثانية: أن يرتبط أول العبادة بآخرها، فلا يخلو الإنسان حينئذٍ من أمرين:
أن يدافع الرياء ولا يسكن إليه، بل يعرض عنه ويكرهه، فإنه لا يؤثر شيئاً.
أن يطمئن إلى هذا الرياء ولا يدافعه، فحينئذً تبطل جميع العبادة، لأن أولها مرتبط بآخرها.
الحالة الثالثة: أن يطرأ الرياء بعد انتهاء العبادة، فإنه لا يؤثر عليها ولا يبطلها، لأنها تمت صحيحة.