وفي الحديث أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أهدى ما أُهدي إليه، وعليه: فهو يدل على بطلان من منع من إهداء الهدية.
وعن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ قَالَ (أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ، فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ) فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ قُلْتَ إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ، وَأَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ! فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَك) متفق عليه.
وفي الحديث نصٌّ على جواز بيع الهدية، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر في الهدية التي أهداه إياها: تبيعها.
وعن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ، فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ، فَكَانَ يَغْلِبُنِي فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِعُمَرَ: بِعْنِيهِ. قَالَ: هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: بِعْنِيهِ. فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- (هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْت) رواه البخاري.
(بَكر): ولد الناقة أول ما يُركب، (صعب) كثير النفور.
فقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمر:(هُوَ لَكَ، تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ) يدل على أن من أهدي إليه شيء فقد صار ملكاً له، يتصرف فيه كما يشاء، بالبيع أو الهدية أو غير ذلك.